تقسيم العمل في هذه العصور القديمة لم يكن بالوضوح والحدة التي ظنها العلماء في وقت سابق، حيث شاركت النساء في عمليات الصيد إلى جانب عمليات جمع الثمار.

توصل فريق بحثي من جامعة ديلاوير الأميركية إلى أن النساء شاركن في عمليات الصيد في العصر الحجري القديم، وهو أقدم العصور الحجرية وأطولها، وقد انتهى قبل حوالي 12 ألف سنة مضت، وفيه استخدم البشر الأحجار لصنع أدواتهم وليس المعادن.

وفي تلك الفترة، كان البشر يديرون حياتهم بمنظومة الجمع والالتقاط، فيقومون بالبحث عن الطعام يوما بيوم، والذي كان في جانب منه جمع الثمار من الأشجار، وفي جانب آخر صيد الحيوانات عبر الحراب والسكاكين المصنوعة نصالها من الأحجار.

فيسيولوجيا سحيقة

وبحسب دراستين نشرهما الفريق في دورية “أميركان أنثربولوجيست”، فإن تقسيم العمل في هذه العصور القديمة لم يكن بالوضوح والحدة التي ظنها العلماء في وقت سابق، بل شاركت النساء في عمليات الصيد إلى جانب عمليات جمع الثمار.

وقد برزت النظرية القائلة بأنه كان هناك تقسيم واضح للعمل بين الرجال والنساء في العصور القديمة في عام 1968، عندما نشر عالما الأنثروبولوجيا “ريتشارد بي لي” و”إيرفن ديفور” كتاب “الرجل الصياد”، وهو خلاصة مجموعة من الأوراق العلمية التي تم تقديمها في ندوة عام 1966 حول مجتمعات الصيد وجمع الثمار القديمة.

وبحسب الدراستين الجديدتين، فإن هناك دلائل أثرية وفسيولوجية تناقض هذه الفرضية القديمة نسبيا، حيث درس الفريق الاختلافات التشريحية والفسيولوجية بين الرجال والنساء، ووجد أن الرجال لديهم ميزة في الأنشطة التي تتطلب السرعة والقوة، ولكن النساء كانت لديهن ميزة في الأنشطة التي تتطلب التحمل، وكانت كلتا المجموعتين من الأنشطة ضرورية وتكاملية، للصيد في العصور القديمة.

من جانب آخر فحص العلماء دور الإستروجين (هرمون الأنوثة) في هذه العملية، ووجدوا أنه يمكن أن يزيد من عملية التمثيل الغذائي للدهون، مما يمنح العضلات مصدر طاقة طويل الأمد، حيث يبطئ انهيار وتآكل العضلات، الأمر الذي يساعد في القدرة على التحمل.

صيادات العالم المعاصر

ومؤخرا بدأت الدلائل تظهر أن النساء قديما شاركن في عمليات الصيد مع الرجال، حيث توصل فريق بحثي في عام 2020 إلى أن المرأة كانت تمارس الصيد بالتشارك مع الرجال قبل 9 آلاف سنة مضت، وفحص هذا الفريق بقايا بشرية وجدت في كهف منطقة “ويلامايا باتشكسا”، التي تقع على جبال الإنديز في دولة بيرو بقارة أميركا الجنوبية.

CAPTION This illustration from the study shows tools recovered from the burial pit floor including projectile points (1 to 7), unmodified flakes (8 to 10), retouched flakes (11 to 13), a possible backed knife (14), thumbnail scrapers (15 and 16), scrapers/choppers (17 to 19), burnishing stones (17, 20, and 21), and red ocher nodules (22 to 24). CREDIT Randy Haas/UC Davis USAGE RESTRICTIONS None LICENSE Licensed content

وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية “ساينس أدفانسز”، فإن هذه البقايا كانت لجثث نساء، وقد وجدت إلى جوارهن أدوات صيد، وكان من عادة البشر في تلك الفترة السحيقة أن يدفنوا الشخص مع ممتلكاته.

وكانت دراسة قد نشرت في دورية “بلوس وان” في يونيو/حزيران الماضي قد أوضحت أن النساء لايزلن يمارسن الصيد في مجتمعات الشعوب الأصلية التي تعيش حاليا في عالمنا بقارات متفرقة (الأميركيتين وآسيا وأفريقيا)، وقد وجدت الدراسة أن بعض المهارات والممارسات داخل مجتمعات الجمع والالتقاط الحالية تسمح للنساء بأن يصبحن صيادات ناجحات.

وظهر في سياق هذه الدراسة أنه من بين مجتمعات الجمع والالتقاط التي تمت دراستها والبالغ عددها 63 مجتمعا، شهدت 79% منها مشاركة النساء في الصيد.

بالإضافة إلى ذلك، يتم تفسير أكثر من 70% من عمليات الصيد التي تقوم بها النساء في هذه المجتمعات على أنها متعمدة ولم تكن لهدف تعويضي (عند إصابة الرجل مثلا)، مما يعني أن النساء كان لهن دور نشط ومهم في الصيد وتعليمه.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.