يقول خبراء ومحللون سياسيون إن الحديث الأميركي عن “الأجواء الإيجابية” لمفاوضات تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل لا يعني دنو التوصل لاتفاق لأن الولايات المتحدة لا تمارس ضغطا حقيقيا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتعامل مع الحرب كوسيلة وحيدة للبقاء بالسلطة مع فشله في تحقيق نصر واضح.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تحدث أمس الجمعة عن تفاؤله بشأن المفاوضات التي جرت الخميس في الدوحة وقال إن التوصل لاتفاق وقف نار وتبادل أسرى قد يكون ممكنا بحلول الأسبوع المقبل. وهو حديث وصفه القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري بأنه “وهم”.

وقال أبو زهري -في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية- إن الولايات المتحدة الأميركية لم تقدم مقترحا وإنما إملاءات تحاول فرضها على الطرف الفلسطيني.

وتعليقا على هذه التطورات، قال الدبلوماسي الأميركي السابق وليام لورانس إن هناك تقدما فعليا في المفاوضات الأخيرة لكنه ليس كافيا للتوصل إلى اتفاق، مؤكدا أن على كل الأطراف المطالبة بتقديم تنازلات.

نتنياهو هو المشكلة

وقال لورانس خلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟” إن كلا من إسرائيل وحماس لا يريد وقفا دائما للقتال وإنما هدنة مؤقتة، وإن “على إدارة بايدن ممارسة مزيد من الضغط على نتنياهو الذي يريد اتفاقا بشروطه هو”.

واعتبر المتحدث أن مطالبة حماس ببحث تفاصيل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في يوليو/تموز الماضي كان خطوة جيدة نحو التوصل لاتفاق، مؤكدا أن نتنياهو هو العقبة كل مرة.

في المقابل، لا يبدي الخبير بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين تفاؤلا كبيرا بحديث الرئيس الأميركي عن الأجواء الإيجابية للمفاوضات ودنو التوصل لاتفاق، مشيرا إلى أن بايدن تحدث بنفس الطريقة في مرات سابقة وبعدها لم يتم التوصل لأي اتفاق.

وانتقد جبارين سلوك الإدارة الأميركية التي قال إنها سترسل وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى إسرائيل لكي يحاول إقناع نتنياهو بالتوصل لاتفاق، وهو ما يؤكد أن المشكلة دائما لدى إسرائيل وليست في الطرف الفلسطيني كما تقول واشنطن.

ولفت إلى أن نتنياهو لم يعد مهتما بالأسرى قدر اهتمامه بضمان مواصلة الحرب في الوقت الذي يراه مناسبا، وهو أمر تحاول الولايات المتحدة توفيره له، مشيرا إلى أنه تنازل عن شرط تقديم قائمة بأسماء الأسرى الأحياء ولم يتنازل عن البقاء في محوري نتساريم وفيلادلفيا، وهو أمر ضمنته له واشنطن.

واشنطن تحاول منع الرد الإيراني

ورغم هذ التوافق على عدم كفاية الضغوط الأميركية على إسرائيل، فإن أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد يرى أن الولايات المتحدة تحاول التوصل لاتفاق لمنع إيران وحزب الله اللبناني من رد واسع على إسرائيل قد يورط واشنطن في حرب أكبر لا تريدها.

وقال ماجد إن نتنياهو يستغل الضعف الأميركي لإبقاء الوضع كما هو وصولا إلى الانتخابات الأميركية التي يعتقد أن نتائجها ستخدمه كثيرا، وأيضا من أجل ابتزاز واشنطن للحصول على مزيد من الدعم العسكري في مواجهة إيران وحزب الله.

ويعتقد أن زيارة بلينكن وغيره من وزراء الخارجية الأوروبيين لإسرائيل خلال الأيام المقبلة ربما لطمأنة نتنياهو بأنهم سيتصدون لأي هجوم محتمل على إسرائيل، لكنه لا يرجح في الوقت نفسه أن يقبل نتنياهو بالتوصل لوقف نار في غزة بقدر سعيه لتحصيل مكاسب عسكرية أكبر.

وفي الوقت نفسه، يرى أستاذ العلوم السياسية أن إيران وحزب الله اللذين لا يريدان حربا واسعة سيكونان مجبرين على الرد في حال لم يتم التوصل لاتفاق وقف نار في غزة خصوصا وأنهما “منحا الوسطاء الوقت الكافي للتوصل لهذا الاتفاق”.

ورغم أن لورانس يتفق مع قول إن الولايات المتحدة لا تفعل الكثير للضغط على نتنياهو لكنه يعتقد أن بلينكن سيحاول تقديم مزيد من المكاسب لنتنياهو خلال زيارته المرتقبة لإسرائيل لإقناعه بقبول الاتفاق، مشيرا إلى أن لدى واشنطن الكثير مما يمكن تقديمه مقابل تقديم تنازلات إسرائيلية في الحرب.

لكن جبارين لا يتفق مع هذا الرأي، ويرى أن الولايات المتحدة لم تكن ضعيفة يوما أمام إسرائيل كما هي عليه اليوم، مشيرا إلى أن نتنياهو يعيد الضغوط إلى واشنطن من خلال عكسها على السباق الانتخابي هناك.

ويقول أيضا إن نتنياهو يستغل التباين الأميركي في الموقف من إسرائيل لأنه يدرك جيدا أن مواقف رئيس جهاز الاستخبارات (الأميركي) وليام بيرنز تختلف كثيرا مع بلينكن، مؤكدا أن قضية الأسرى قد تراجعت جدا داخل إسرائيل التي أصبحت تتعامل مع البديل الوحيد لغياب النصر الذي كانت تبحث عنه، ألا وهو مواصلة الحرب.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.