في أول مهمة على الإطلاق لتسليط الضوء على اثنين من أعظم ألغاز الكون، وهما الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، أطلقت وكالة الفضاء الأوربية تلسكوب إقليدس الفضائي الأوروبي يوم السبت الموافق الأول من يوليو/تموز الجاري في الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش من كيب كانافيرال في فلوريدا على صاروخ “فالكون 9” التابع لشركة “سبيس إكس” (SpaceX) الأميركية.

رؤية الكون المجهول

اضطرت وكالة الفضاء الأوروبية إلى اللجوء إلى شركة الملياردير إيلون ماسك لإطلاق المهمة بعد أن سحبت روسيا صواريخها من طراز سويوز، ردا على العقوبات بسبب الحرب في أوكرانيا.

وبعد رحلة سوف تستغرق شهرا عبر الفضاء، سينضم إقليدس إلى التلسكوب الفضائي جيمس ويب في نقطة دوران مستقرة على بعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض تسمى نقطة لاغرانج الثانية. من هناك سوف يرسم إقليدس أكبر خريطة للكون على الإطلاق تشمل ما يصل إلى ملياري مجرة عبر أكثر من ثلث السماء.

ووفق الموقع الرسمي لتلسكوب إقليدس الفضائي، فإن الخريطة ستقدم أيضا رؤية جديدة لتاريخ الكون البالغ من العمر 13.8 مليار عام من خلال التقاط الضوء الذي يستغرق 10 مليارات سنة للوصول إلى الأرض.

ويأمل العلماء في استخدام هذه المعلومات لمعالجة ما يسميه مدير مشروع إقليدس جوزيبي راكا “لغزا كونيا”، وذلك لأن 95% من الكون لا يزال غير معروف للبشرية.

ويعتقد أن الطاقة المظلمة تقدر بنحو 70% وتعرف بأنها القوة المجهولة التي تتسبب في تمدد الكون بمعدل متسارع. وتقدر المادة المظلمة بنحو 25% ويعتقد أنها تربط الكون ببعضه بعضا وتشكل نحو 80% من كتلته.

محقق الظلام واكتشاف أشياء لا يمكن رؤيتها

وفق تقرير نشر على موقع “ساينس ألرت” (Science Alert)، قال جوادالوبي كاناس عضو اتحاد إقليدس -في مؤتمر صحفي- إن التلسكوب الفضائي إقليدس يبلغ وزنه 2 طن وارتفاعه 4.7 أمتار وعرضه 3.5 أمتار، هو “محقق الظلام” وسيستخدم أداتين علميتين لرسم خريطة للسماء. وسيتمكن من قياس شكل المجرات بالاعتماد على كاميرا الضوء المرئي، وسيحدد مدى بعدها باستخدام كل من مقياس طيف الأشعة تحت الحمراء القريب ومقياس الضوء.

يتشوه الضوء القادم عبر مليارات السنين الضوئية قليلا بسبب كتلة المادة المظلمة والمرئية على طول الطريق، وهي ظاهرة تعرف باسم “انحناء الضوء بفعل الثقالة”.

وقال راكا لوكالة الأنباء الفرنسية “بطرح المادة المرئية، يمكننا حساب وجود المادة المظلمة الموجودة بينهما”.

وفي حين أن هذا ربما لا يكشف عن الطبيعة الحقيقية للمادة المظلمة، يأمل العلماء أنها ستلقي أدلة جديدة من شأنها أن تساعد في تعقبها في المستقبل.

أما في ما يتعلق بالطاقة المظلمة، فقد قارن عالم الفيزياء الفلكية الفرنسي ديفيد إلباز تمدد الكون بتفجير بالون تم رسم خطوط عليه. ومن خلال “رؤية مدى سرعة تضخمه”، يأمل العلماء في قياس الطاقة المظلمة التي تسببت في توسعه.

منجم ذهب

ويتمثل الاختلاف الرئيسي بين إقليدس والتلسكوبات الفضائية الأخرى في مجال الرؤية الواسع الذي يأخذ مساحة تعادل قمرين كاملين.

وقال عالم المشروع رينيه لوريجس إن مساحة الرؤية الكبيرة هذه تعني أن إقليدس سيكون قادرا على “تصفح السماء والعثور على أجسام غريبة”، مثل الثقوب السوداء، التي يمكن لتلسكوب جيمس ويب بعد ذلك التحقيق فيها بمزيد من التفصيل.

وقال رئيس اتحاد إقليدس يانيك ميليير علاوة على أن إقليدس سيكشف عن الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، من المتوقع أن تكون خريطة الكون التي سيرسمها “منجم ذهب لكل مجال علم الفلك”.

ويأمل العلماء أن تساعدهم بيانات إقليدس في معرفة المزيد عن تطور المجرات والثقوب السوداء.

ومن المتوقع ظهور الصور الأولى بمجرد بدء العمليات العلمية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وستصدر البيانات الرئيسية في أعوام 2025 و2027 و2030.

ومن المقرر أن تستمر المهمة التي تبلغ تكلفتها 1.5 مليار دولار حتى عام 2029، لكنها قد تستمر لفترة أطول قليلا إذا سارت الأمور على ما يرام.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.