واصلت أسعار النفط الخام تقلباتها مع تراجع عن ذروة ثلاثة أشهر، التي شهدتها الأسبوع الماضي على خلفية التوقعات الاقتصادية الضعيفة للصين وتخفيف التوترات السياسية في ليبيا، ما قد يرفع الطاقة الإنتاجية.
وكشفت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الصيني أن الاقتصاد نما بنسبة 6.3 في المائة، على أساس سنوي في الربع الثاني مقابل توقعات 7.3 في المائة، و4.5 في المائة، في الربع السابق وتأتي البيانات في وقت يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم رياحا معاكسة لإعادة ازدهار اقتصاده.
ويقول لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون: إن التجار يترقبون بيانات المخزونات الأمريكية والعوامل الأخرى المؤثرة في الطلب، كما أن هناك تكهنات واسعة بأن بكين قد تتخذ إجراءات عدة أخرى لتحفيز النشاط، لكن الخطوات حتى الآن كانت مؤقتة، مشيرين إلى أنه في حالة استمرار الاقتصاد الصيني في الضعف فقد يهدد الطلب على الطاقة، مسلطين الضوء على أن إعادة فتح حقلي نفط كبيرين في ليبيا سيضيفان نحو 320 ألف برميل يوميا إلى الإمدادات العالمية.
وعدوا أن هذه الإضافة قد تؤدي إلى حد ما لمواجهة تخفيضات الإنتاج البالغة 500 ألف برميل يوميا التي أعلنتها روسيا أخيرا، لافتين إلى أنه إذا زادت ربحية المصافي فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على المنتج الخام.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية: إن المخاطر الجيوسياسية عادت لتلقي بظلالها على سوق النفط الخام حيث أنهت روسيا مبادرة حبوب البحر الأسود وهي خطوة من المتوقع أن تزيد الضغط على أوكرانيا وتتسبب في ارتفاع أسعار القمح العالمية وتمتد التوترات إلى سوق النفط.
ورجح أن الطلب على النفط سيظل ضعيفا حتى أواخر 2023 – بحسب تقديرات ستاندرد آند بورز جلوبال- لافتا إلى انخفاض مبيعات المنتجات النفطية بنسبة 27 في المائة، وسجلت مبيعات الديزل أدنى مستوى لها خلال العقد، معتبرا أن قضايا الائتمان ضعف الناتج الصناعي وارتفاع الأسعار من القضايا الرئيسة في بعض دول الاستهلاك الرئيسة مثل باكستان.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات أن الوقود التقليدي سيظل مهيمنا على مزيج الطاقة، مشيرا إلى أن انتقال الولايات المتحدة إلى الطاقة النظيفة أدى إلى إيجاد عديد من الوظائف على الصعيد الوطني.
وأوضح أن بعض الأدوار التقليدية يمكن أن تنتقل إلى قطاع الطاقة المتجددة، لكن التفاوت بين الطلب على الوظائف الخضراء والقوى العاملة الماهرة المتاحة يمثل مشكلة كبيرة.
ويرى، ماركوس كروج كبير محللي شركة “إيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز أن السوق تركز على تأثير بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية، كما من المتوقع أن يظهر الإنتاج الصناعي ارتفاعا طفيفا متجها إلى 1.1 في المائة، عن العام الماضي مقارنة بـ0.2 في المائة.
ولفت إلى أن أسعار خام برنت يجري مراقبتها وقد شهدت رد فعل سلبيا لبيانات الناتج المحلي الإجمالي الباهت للصين على خلفية احتمالية ضعف توقعات الطلب على النفط، لافتا إلى توافر بعض الاقتناع في السوق باستمرار الاتجاه الصعودي على المدى القريب.
بدورها، تقول مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية: إن تحالف “أوبك+” يستعد لاجتماع جديد للجنة المراقبة الوزارية المشتركة مطلع الشهر المقبل لتقييم جهود الخفض الطوعي القياسي للسعودية وروسيا الذي تم تمديده لنهاية العام الجاري، وهو ما يوفر تحفيزا لأسعار النفط في ظل مخاوف من تباطؤ الطلب العالمي من جراء الرفع المتكرر لأسعار الفائدة.
ونوه إلى أن من المتوقع أن تكون معنويات السوق هذا الأسبوع متأثرة إلى حد كبير بموسم الأرباح في الولايات المتحدة مع استمرار الأرباح الإيجابية التي من المحتمل أن تشهد استمرار دعم أسعار النفط الخام خاصة مع تسجيل تراجع نسبي للدولار الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع النفط الخام.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تحركت أسعار النفط الخام إلى أعلى أمس، وسط تطلعات من جانب المستثمرين إلى إعلان محتمل عن زيادة الإمدادات الأمريكية.
ويأتي ذلك في وقت واجهت فيه أسعار الخام تراجعا ملحوظا خلال الجلسات الأخيرة، في ظل استمرار الاقتصاد الصيني في تحقيق نمو أضعف من المتوقع، لا يبشر بإمكان تعافي الطلب على النفط هناك في وقت قريب.
في الوقت نفسه، يأتي ارتفاع أسعار النفط متزامنا مع انتظار المشاركين في الأسواق العالمية البيانات المتعلقة بمخزونات النفط الأمريكية، ومخزونات المنتجات خلال الأسبوع الماضي.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.13 دولار أو 1.44 في المائة لتبلغ عند التسوية أمس 79.63 دولار للبرميل.
بينما زادت العقود الآجلة للخام الأمريكي 1.6 دولار أو 2.16 في المائة لتبلغ عند التسوية 75.75 دولار للبرميل.
وكانت أسعار النفط قد تراجعت في نهاية تعاملات البارحة الأولى، إذ انخفضت العقود الآجلة لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط الأمريكي بأكثر من 2 في المائة، وسط توقعات بانخفاض مخزونات النفط الأمريكية. يشار إلى أن أربعة محللين كانوا قد توقعوا أن تتراجع مخزونات النفط الخام الأمريكية بنحو 2.3 مليون برميل، خلال الأسبوع المنتهي في 14 تموز (يوليو) الجاري، وذلك في المستوى المتوسط، وفق استطلاع أجرته “رويترز”. في الوقت نفسه، من المتوقع أن يشهد إنتاج النفط الصخري الأمريكي انخفاضا إلى ما يقارب 9.40 مليون برميل يوميا في أغسطس المقبل، وهو أول انخفاض شهري منذ ديسمبر 2022، حسبما أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ورغم ذلك، قد تشهد الإمدادات العالمية دفعة من استئناف الإنتاج في حقلي الفيل والشرارة لإنتاج النفط في ليبيا، اللذين كانا قد أغلقا الأسبوع الماضي، وتوقف الإنتاج فيهما، بسبب احتجاجات على اختطاف وزير سابق.
يشار إلى أن الصين كانت قد أعلنت بيانات اقتصادية أشارت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.3 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الثاني من العام الجاري 2023، وهي نسبة أقل من توقعات المحللين البالغة 7.3 في المائة.
من جانب آخر، انخفضت سلة خام أوبك وسجل سعرها 80.05 دولار للبرميل الإثنين مقابل 82.06 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات عدة على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 79.01 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.