فيلم “أفاتار: النار والرماد” (Avatar: Fire and Ash) الذي عُرض في دور السينما خلال ديسمبر 2025، أثار جدلاً واسعاً بين النقاد والجمهور على حد سواء. فبينما أشاد الكثيرون بالإبهار البصري والتقنيات المتطورة التي قدمها الفيلم، تساءل آخرون عما إذا كان هذا التفوق كافياً لتعويض ضعف الحبكة والقصة التقليدية. هذا المقال يستعرض تفصيلاً آراء النقاد حول الفيلم، ويحلل جوانب القوة والضعف فيه، مع التركيز على تأثيره البصري والقصصي.
## “أفاتار: النار والرماد”: هل الإبهار البصري كافٍ؟
منذ اللحظات الأولى لعرضه، نجح فيلم “أفاتار: النار والرماد” في أسر المشاهدين بتقنيات العرض ثلاثية الأبعاد المذهلة. زرقة المياه المتوهجة، والأمواج المتكسرة على الشاطئ، كلها عناصر خلقت تجربة بصرية غامرة، وكأن المشاهد يعيش داخل عالم باندورا. ومع ذلك، يرى العديد من النقاد أن هذا الإبهار البصري لا يخفي حقيقة أن الفيلم يفتقر إلى قصة قوية ومبتكرة.
### تقييم “ذا سياتل تايمز” وانتقادات الحبكة
وفقاً لموقع “ذا سياتل تايمز”، يتبع فيلم “أفاتار: النار والرماد” نفس النمط الذي اتبعه الجزآن السابقان، “أفاتار” (2009) و”أفاتار: طريق الماء” (2022). فالقصة تقليدية وباهتة، والحوارات سطحية ومبتذلة، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة الفيلم على جذب الجمهور على المدى الطويل. الفيلم، على الرغم من جمالياته، قد لا يقدم شيئاً جديداً أو مفاجئاً لمحبي السلسلة.
### جيمس كاميرون والسيناريو المشترك
يعود جيمس كاميرون إلى إخراج الفيلم، ويشاركه في كتابة السيناريو ريك جافا وأماندا سيلفر. تدور أحداث الفيلم بعد فترة قصيرة من نهاية “أفاتار: طريق الماء”، وتستكمل عالم باندورا بصرياً، لكنها في نظر النقاد تظل أسيراً لمعادلة التفوق التقني مقابل سرد درامي محدود. الفيلم يركز على جيك سولي (سام ورذينغتون) وزوجته نيتيري (زوي سالدانا)، اللذين يعيشان حالة حداد بعد فقدان ابنهما، بينما يواجه الابن لوآك الشعور بالذنب، وتبدأ نيتيري في التشكيك في إيمانها بـ”إيوا”، الكيان الروحي لكوكب باندورا.
## الصراع المستمر: البشر ضد سكان باندورا
تستمر “شعوب السماء” – أي البشر – في محاولاتها لاحتلال باندورا، بعد تدمير كوكب الأرض، دون أي اعتبار للسكان الأصليين أو البعد الأخلاقي لأفعالهم. يشمل هذا الاحتلال قتل الكائنات البحرية العاقلة لاستخلاص مواد تُمكّن البشر من إيقاف الشيخوخة، وهو ما يعكس استمرار النزعة الاستعمارية والتدميرية للبشر. الشخصيات البشرية في الفيلم، كما في الأجزاء السابقة، تفتقر إلى العمق والتعقيد، مما يجعلها مجرد أدوات في خدمة الحبكة الرئيسية.
### عودة الكولونيل كوارتيتش وتحالف جديد
يعود ستيفن لانغ في دور الكولونيل مايلز كوارتيتش، الذي يقود الهجوم ضد جيك وعائلته بدوافع الانتقام الشخصي والنزعة الاستعمارية. في هذا الجزء، يتحالف كوارتيتش مع قبيلة مانغكوان، المعروفة باسم “شعب الرماد”، وهم من شعب النافي الذين نبذوا “إيوا” بعد أن دمر بركان قريتهم. تتزعم هذه القبيلة شخصية فارانغ (أونا تشابلن)، التي تعلن بلهجة حاسمة: “أنا النار”، في إشارة إلى مسعاها لإغراق العالم باللهب وإعادة تشكيله بالقوة.
## الإبهار البصري: نقطة القوة الرئيسية في فيلم “أفاتار: النار والرماد”
لا شك أن عنصر الجذب الأساسي في أفلام سلسلة “أفاتار” هو التفوق التقني اللافت الذي حققته، سواء على مستوى الصورة أو تصميم الأزياء أو المؤثرات الصوتية. عالم باندورا ينبض بالحياة والألوان، مع كائنات طائرة شفافة، وأجنحة متوهجة، وألوان زاهية أقرب إلى عالم حُلُمي. كل تفصيلة، من ارتعاشة أذن أحد أفراد شعب النافي إلى كرة النار الهائلة المنقضّة من السماء، مصممة بعناية فائقة وحس بصري شديد الإتقان. هذا الجانب البصري المذهل يجعل من فيلم “أفاتار: النار والرماد” تجربة سينمائية فريدة من نوعها.
### طول الفيلم وتكرار البنية السردية
على الرغم من الجماليات البصرية المذهلة، يظل السرد الدرامي هو الحلقة الأضعف في الفيلم. الفيلم، الذي يمتد لنحو 195 دقيقة، قد يبدو طويلاً ومُرهقاً لبعض المشاهدين، خاصة في ظل تكرار البنية السردية ذاتها التي اعتادت عليها السلسلة، دون اختلافات جوهرية تُذكر. على الرغم من أن العالم الذي يقدمه الفيلم غني بالتنوع الثقافي والأبعاد الروحانية، إلا أن القصة تفتقر إلى الأصالة والابتكار.
في الختام، فيلم “أفاتار: النار والرماد” هو تحفة بصرية تقنية، ولكنه يعاني من ضعف في الحبكة والقصة. محبو الجزأين السابقين سيجدون على الأرجح متعة في هذا الجزء، خاصة عند مشاهدته بتقنية العرض ثلاثي الأبعاد وعلى أكبر شاشة ممكنة. ولكن، بالنسبة للجمهور الذي يبحث عن قصة قوية ومبتكرة، قد يكون الفيلم مخيباً للآمال. إذا كنت من محبي سلسلة أفاتار، فلا تتردد في مشاهدة الفيلم والاستمتاع بالإبهار البصري الذي يقدمه. ولكن، لا تتوقع قصة ثورية أو مفاجئة. شاركنا رأيك في الفيلم بعد مشاهدته!


