وتناول في كتابه الفُرْع؛ وهي ولاية كانت تابعة للمدينة المنورة في صدر الإسلام، وفيها مقر الوالي الذي يتم تعيينه من قبل الخلفاء في المدينة المنورة، وهو من أشهر وأطول الأودية الحجازية الواقعة بين الحرمين الشريفين. واكتسب شهرته من موقعه على ممر الطرق بين الحرمين الشريفين، إضافة لما يتميز به من وفرة المياه وكثرة العيون والخيوف وسُمي وادي النخل، وبه ثلاث محطات لطريق الحاج الفرعي، هي بئر رضوان القفاري (أمير الحج المصري) ومحطة أبي ضباع وأعلاها محطة الشعبة. ومنها منابر المدينة «المدينة تجبى على أربعة عشر منبراً»: خيبر ووادي القرى والمروة والعيص وينبع والجار والصفراء وودان والفُرع والسائرة، وجبلة ورهاط والجحفة وعسفان، ومنابر الفرع: الفُرع، والمضيق والسّوارقيّة، وساية، ورهاط، وعمق الزّرع، والجحفة، والعرج والسّقيا، والأبواء، وقديد، وعسفان، واستارة. وبحران ناحية من الفُرع، وبحران أسفل السائرة. ومن القرى المجاورة له الأكحل وخضرة والوجيدة وغيرها، وكلها تابعة له. كما أن الصّفراء وأعمالها من الفرع، وأوضح المؤلف أنه عندما قامت دولة الإسلام في المدينة المنورة نزلت القبائل فيها وجاوروا الأوس والخزرج (الأنصار)، وأقطع النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض القبائل المجاورة قطائع في تلك الأودية «وأقطع فيها لغفار وأسلم قطائع» وبلال بن الحارث المزني المعادن القبلية. وكتب -عليه الصلاة والسلام- لسعيد بن سفيان الرعلي.. أعطاه نخل السّوارقية.
والكتاب يحتوي على عدد كبير من النقوش الصخرية المبكّرة من بادية المدينة المنورة ومكة المكرمة، التي تشير إلى شخصيات تاريخية عَمّرت تلك النواحي، وهي شاهدة على بقاء أبناء المهاجرين والأنصار في تلك الأودية والنواحي جيلاً بعد جيل ودورهم في تعميرها عبر العصور.