جوهرة الجيزة الجديدة: نظرة عن كثب على المتحف المصري الكبير
يستعد العالم لاستقبال معلم حضاري جديد يضاف إلى قائمة عجائب مصر، ألا وهو المتحف المصري الكبير (GEM). هذا الصرح المعماري الضخم، الذي يُطلق عليه البعض “الهرم الرابع” لهضبة الجيزة، ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل هو تجربة غامرة تأخذ الزائر في رحلة عبر تاريخ الفراعنة العظيم. يقع المتحف على مقربة من الأهرامات الثلاثة الشهيرة، التي بُنيت منذ حوالي 4500 عام، ليصبح نقطة جذب سياحي عالمية جديدة، ومستقبلاً واعدًا لعلم المصريات.
تصميم فريد يعكس عظمة الحضارة المصرية
يتفرد المتحف المصري الكبير بتصميمه المعماري المذهل الذي يدمج بين الحداثة وعظمة الماضي. فبالإضافة إلى احتوائه على إطلالات بانورامية رائعة على الأهرامات، فقد صُمم المبنى نفسه على شكل مثلث مقطوع الزوايا، مما يعكس الهندسة المميّزة لهذه الصروح الأثرية الخالدة.
التناغم مع الأهرامات
لم يقتصر الأمر على الشكل العام، بل تم توجيه الجدارين الشمالي والجنوبي للمتحف بشكل دقيق ليتماشيا مع اتجاه هرمي خوفو ومنقرع. يُظهر هذا الاهتمام بالتفاصيل مدى تقدير المصممين للحضارة المصرية القديمة ورغبتهم في خلق تكامل بصري وثقافي بين المتحف والأهرامات. هذا التناغم يسهم بشكل كبير في تعزيز تجربة الزائر ويجعله يشعر بأنه جزء من هذا التاريخ العريق.
مواد البناء والواجهة الخارجية
تولت شركة “Heneghan Peng” الأيرلندية للمهندسة المعمارية مهمة تصميم هذا الصرح، مستخدمةً مزيجًا فريدًا من مواد البناء. الخرسانة بلون الرمال تحاكي لون الصحراء المحيطة، بينما الحجر الألباستري شبه الشفاف يضفي لمسة من الأناقة والرقي. الواجهة الرئيسية للمتحف، على وجه الخصوص، صُنعت من ألواح الزجاج المُثلّج (المعتم) لخلق تأثير بصري مذهل وحماية الآثار من أشعة الشمس المباشرة. وهذا يعكس الأهمية القصوى لحماية كنوز مصر.
رحلة بناء شهدت تحديات وعقبات
بدأت فكرة إنشاء هذا المجمع الأثري الطموح في عام 1992، ولكن لم تبدأ أعمال البناء الفعلية إلا في عام 2005. على الرغم من التخطيط الدقيق والاستثمار الهائل، واجه المشروع تأخيرات متكررة أدت إلى إطالة أمد الإنجاز.
تأثير الأوضاع السياسية
كانت الاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورات الربيع العربي في عام 2011 من العوامل الرئيسية التي ساهمت في هذه التأخيرات. هذا أدى إلى تباطؤ وتيرة العمل وتعطيل سلاسل الإمداد. إضافة إلى ذلك، تسببت جائحة (كوفيد-19) في تحديات لوجستية وصحية أدت إلى مزيد من التأخير.
الافتتاح الجزئي وإرهاصات المستقبل
على الرغم من هذه العقبات، شهد المتحف المصري الكبير افتتاحًا جزئيًا لبعض أقسامه في عام 2024، مما أثار حماس الزوار والمتخصصين على حد سواء. يشكل هذا الافتتاح خطوة مهمة نحو الافتتاح الكامل، المنتظر أن يكون حدثًا تاريخيًا يضع مصر على الخريطة السياحية العالمية بشكل أكثر قوة. أهمية هذا الافتتاح تكمن في إتاحة فرصة لدراسة حضارة الفراعنة بشكل أعمق.
مجمع متكامل يضم العديد من المرافق
لا يقتصر المتحف المصري الكبير على المبنى الرئيسي فحسب، بل هو مجمع متكامل يضم العديد من المرافق والخدمات التي تهدف إلى تعزيز تجربة الزائر وتوفير بيئة مناسبة للحفاظ على الآثار.
مكونات المجمع
يشتمل المجمع على مركز للمؤتمرات يمكنه استضافة الفعاليات والندوات العلمية المتعلقة بآثار مصر القديمة، بالإضافة إلى ساحة خارجية فسيحة تستضيف العروض الثقافية والأنشطة الترفيهية. كما يضم حديقة تحاكي وادي النيل، مما يوفر ملاذًا أخضرًا وهادئًا للزوار.
متحف قارب خوفو ومراكز الصيانة
يُعد متحف قارب خوفو من أبرز معالم المجمع، حيث يعرض نسخة طبق الأصل من القارب الشمسي الذي استخدمه الفرعون خوفو في رحلاته المقدسة. كما يضم المجمع مركزًا مخصصًا لصون وترميم الآثار، مجهزًا بأحدث التقنيات والمعدات لضمان الحفاظ على هذه الكنوز للأجيال القادمة. هذا المركز يمثل صرحًا متكاملاً للحفاظ على التراث المصري.
المتحف المصري الكبير: إضافة نوعية للسياحة والثقافة المصرية
يمثل المتحف المصري الكبير إضافة نوعية للسياحة والثقافة المصرية، فهو ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل هو صرح شامخ يجسد عظمة الحضارة المصرية القديمة ويساهم في تعزيز مكانة مصر على الخريطة العالمية. بانتظار الافتتاح الكامل، يصبح المتحف وجهة لا بد من زيارتها لكل من يرغب في استكشاف أسرار الفراعنة والتعرف على تاريخ مصر العريق. نتوقع أن يجذب المتحف ملايين السياح من جميع أنحاء العالم، مما ينعش الاقتصاد المصري ويوفر فرص عمل جديدة.
لذا، استعدوا لزيارة المتحف المصري الكبير واستكشاف أعجوبة معمارية وحضارية فريدة من نوعها، وشاركوا تجربتكم مع العالم! يمكنكم أيضًا متابعة آخر المستجدات حول المتحف عبر المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.


