انخفضت أسعار الذهب اليوم الاثنين، متأثرة بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أثرت على السوق. يأتي هذا التراجع في ظل ارتفاع قوة الدولار الأمريكي وتراجع التوقعات بحدوث تخفيضات في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي في ديسمبر القادم. هذا التحول في المشهد الاقتصادي العالمي دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية، مما أثر بشكل مباشر على أداء المعدن الأصفر.
تأثير قوة الدولار على أسعار الذهب
ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى لها في ستة أشهر تقريبًا يوم الجمعة، وذلك بعد بيانات اقتصادية أمريكية أظهرت نموًا أسرع في الوظائف خلال شهر سبتمبر. هذا النمو عزز التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي قد يتردد في خفض أسعار الفائدة في اجتماعهم المقبل. ارتفاع الدولار يجعل الذهب، الذي يُسعّر بالدولار الأمريكي، أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يقلل من الطلب عليه ويضغط على الأسعار.
بالنسبة للمعاملات الفورية، انخفض سعر الذهب بنسبة 0.07% ليصل إلى 4051.48 دولار للأوقية، وكان قد بلغ 4040.33 دولار في وقت سابق من التعاملات. كما تراجع سعر العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر بنسبة 0.5% ليستقر عند 4058.90 دولار للأوقية.
بيانات سوق العمل الأمريكية وتأثيرها
أظهر تقرير وزارة العمل الأمريكية الصادر يوم الخميس، والذي تأخر بسبب الإغلاق الحكومي الجزئي، إضافة 119 ألف وظيفة جديدة في سبتمبر. هذه الزيادة تتجاوز بكثير التقديرات الأولية التي كانت تشير إلى 50 ألف وظيفة فقط. هذا الأداء القوي لسوق العمل يقلل من الضغط على مجلس الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة، حيث أن النمو الوظيفي القوي غالبًا ما يرتبط بالتضخم.
تباطؤ النشاط الصناعي الأمريكي
على الرغم من قوة سوق العمل، أظهرت بيانات أخرى تباطؤًا في النشاط الصناعي الأمريكي. انخفض مؤشر مديري المشتريات الصناعي (PMI) إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر في نوفمبر، ويعزى ذلك جزئيًا إلى ارتفاع أسعار الواردات بسبب الرسوم الجمركية المفروضة. هذا التباطؤ يحد من النمو الاقتصادي العام وقد يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي قد يضطر إلى التفكير في تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل، ولكن هذا التأثير حاليًا لا يزال أقل من تأثير بيانات الوظائف القوية.
احتمالات خفض أسعار الفائدة تتراجع
تشير أداة “فيدوتش” التابعة لـ سي إم إي (CME FedWatch tool) إلى انخفاض احتمالية خفض سعر الفائدة في اجتماع ديسمبر إلى 69%، بعد أن كانت قد ارتفعت إلى 74% في الجلسة السابقة. هذا الانخفاض يعكس تزايد الثقة في الاقتصاد الأمريكي وتوقع استمرار مجلس الاحتياطي الفدرالي في سياساته الحالية. عادةً ما يستفيد الذهب من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، حيث يصبح أكثر جاذبية كأصل آمن مقارنة بالسندات وغيرها من الأدوات الاستثمارية ذات الدخل الثابت.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يكن الذهب وحده المتأثر بتغيرات السوق، بل شهدت المعادن النفيسة الأخرى تحركات متباينة. ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.23% لتصل إلى 50.15 دولار للأوقية، بينما زاد سعر البلاتين بنسبة 1.96% ليصل إلى 1545.11 دولار. كما ارتفع سعر البلاديوم بنسبة 0.74% ليصل إلى 1392.46 دولار للأوقية. هذه الزيادات في أسعار الفضة والبلاتين والبلاديوم قد تكون نتيجة لطلب متزايد من قطاع الصناعة أو لتوقعات بتحسن الأداء الاقتصادي. الاستثمار في الذهب والفضة يعتبر ملاذا آمنا في أوقات التقلبات الاقتصادية.
أسعار النفط تتراجع
بالتوازي مع تراجع أسعار الذهب، شهدت أسعار النفط أيضًا انخفاضًا، لتواصل الخسائر التي تكبدتها في الأسبوع الماضي. يعزى هذا الانخفاض إلى التقدم المحرز في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى قوة الدولار الأمريكي. انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.32% لتصل إلى 62.35 دولار للبرميل، بينما انخفضت عقود خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.4% لتصل إلى 57.84 دولار للبرميل.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن احتمال التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا يزداد، مما قد يؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة على روسيا وزيادة المعروض من النفط في السوق العالمية.
التوقعات المستقبلية
على الرغم من التراجع الحالي، لا يزال الاستثمار في الذهب يعتبر خيارًا جذابًا للعديد من المستثمرين. ومع ذلك، من المهم مراقبة التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب، حيث أن هذه العوامل يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أسعار الذهب في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المستثمرين أن يأخذوا في الاعتبار المخاطر المرتبطة بالاستثمار في أي أصل مالي، وأن يقوموا بتنويع محافظهم الاستثمارية لتقليل هذه المخاطر. التحليل الفني لـ سوق الذهب يشير إلى وجود دعم قوي حول مستوى 4000 دولار، وقد يشهد السعر ارتدادًا إذا تم اختراق مستوى المقاومة عند 4100 دولار.
