تدخل العلاقات الاقتصادية بين الهند والولايات المتحدة مرحلة جديدة من التوتر، بعدما جددت نيودلهي تأكيدها أنها ستواصل شراء النفط “من حيث تحصل على أفضل صفقة”، حتى وإن جاء ذلك في مواجهة الرسوم الجمركية العقابية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ووفق ما أوردته هيئة البث البريطانية (بي بي سي)، فإن هذا الموقف يعكس إصرار الهند على حماية أمنها الطاقي وضمان إمدادات مستقرة لنحو 1.4 مليار مواطن، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الغربية على نيودلهي بسبب اعتمادها المتزايد على الخام الروسي المخفض السعر.

رسوم أميركية عقابية

ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن فيناي كومار، سفير الهند لدى موسكو، قوله إن بلاده ستواصل شراء النفط من حيث تحصل على “أفضل صفقة” من أجل حماية مصالح 1.4 مليار مواطن.

وأضاف أن تجارة الهند تقوم على “عوامل السوق”، مؤكدا أن قرار الرئيس ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند، بينها عقوبة إضافية بنسبة 25% بسبب شرائها النفط والسلاح من روسيا، هو قرار “غير عادل وغير مبرر”.

من جهته، أكد جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي أن هذه الخطوة تهدف إلى ممارسة “ضغط اقتصادي عدواني” على موسكو لإجبارها على إنهاء حربها في أوكرانيا.

ارتفاع حاد في واردات النفط الروسي

وحسب “بي بي سي”، ارتفعت واردات الهند من الخام الروسي ارتفاعا لافتا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، إذ شكّل النفط الروسي ما بين 35% إلى 40% من إجمالي وارداتها عام 2024، مقارنة بنسبة 3% فقط عام 2021.

ورغم اتهامات واشنطن بأن هذه المشتريات تساعد في “تمويل الحرب”، فإن نيودلهي نفت ذلك بشدة، معتبرة أن تعاملاتها مبنية على “عوامل السوق ومصالح الطاقة الوطنية”.

دفاع دبلوماسي صلب

وشدد السفير كومار -في تصريحاته لوكالة “تاس” الروسية- على أن “الأولوية تبقى توفير أمن الطاقة للشعب الهندي”، واعتبر أن قرار ترامب فرض رسوم ثانوية على بلاده “غير عادل وغير معقول وغير مبرر”.

كما كرر وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار الموقف ذاته قائلا: “من المثير للسخرية أن يتهمنا من يعملون لحساب إدارة أميركية مؤيدة للأعمال بأننا نقوم بالأعمال”، مضيفا أن الولايات المتحدة لم تفرض عقوبات مشابهة على الصين أو الاتحاد الأوروبي، رغم أنهما من أكبر مستوردي النفط الروسي.

وتؤكد الهند باستمرار تمسكها بـ”الاستقلالية الإستراتيجية” في قراراتها، مما يعني أنها لن تخضع للضغوط الأميركية لتقليص اعتمادها على الطاقة الروسية. ورغم أنها تحافظ على علاقات ودية مع أوكرانيا وتدعو إلى “حل سلمي عبر الحوار والدبلوماسية”، فإنها امتنعت عن إدانة موسكو علنا. وقد زار رئيس الوزراء ناريندرا مودي أوكرانيا عام 2024، بينما يُرتقب أن يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نيودلهي قريبا، في حين يُتوقع أيضا أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية للهند هذا العام.

سياق أوسع للأزمة

وحسب “بي بي سي”، فإن أزمة الطاقة هذه تأتي في ظل مشاكل أوسع تواجه الاقتصاد الصيني والعالمي، أبرزها تباطؤ النمو، وتداعيات الرسوم الأميركية على عدة شركاء تجاريين، وارتفاع مستويات الديون المحلية، إلى جانب تراجع إنفاق المستهلكين.

ويُنظر إلى موقف الهند باعتباره اختبارا كبيرا لقدرتها على موازنة مصالحها الاقتصادية مع الضغوط الجيوسياسية المتصاعدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version