تُعدّ الصحة الجنسية جزءًا لا يتجزأ من الصحة العامة للمرأة، وتؤثر بشكل كبير على جودة حياتها وثقتها بنفسها. في الآونة الأخيرة، شهدت هذه الناحية تطورات مهمة، أبرزها توسيع نطاق الموافقة على دواء “أدي فليبانسرين” لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية عند النساء، ليشمل الآن النساء بعد سن انقطاع الطمث. هذا الدواء، الذي يمثل خطوة واعدة في التعامل مع هذا الاضطراب، يستحق تسليط الضوء عليه، بالإضافة إلى استعراض النصائح الهامة للحفاظ على صحة المرأة بشكل عام بعد الأربعين.
ما هو دواء أدي فليبانسرين؟ ولماذا هذا التوسع في الموافقة؟
أدي فليبانسرين (Flibanserin) هو أول دواء يتم اعتماده من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج اضطراب انخفاض الرغبة الجنسية المكتسب والمعمم (HSDD) لدى النساء. هذا الاضطراب يتميز بانخفاض أو غياب الرغبة الجنسية بشكل مستمر، مما يسبب ضيقًا نفسيًا واجتماعيًا للمرأة.
التوسع الأخير في الموافقة ليشمل النساء بعد سن انقطاع الطمث وحتى سن 65 عامًا يأتي نتيجة دراسات وأبحاث أثبتت فعالية الدواء لهذه الفئة العمرية أيضًا. فالتغيرات الهرمونية المصاحبة لانقطاع الطمث غالبًا ما تؤثر على الرغبة الجنسية، ويمكن أن يكون هذا الدواء خيارًا علاجيًا فعالًا لهن.
آلية عمل الدواء وتاريخ اعتماده
يعمل فليبانسرين على تنظيم بعض النواقل العصبية في الدماغ، مثل السيروتونين والدوبامين والنورإبينفرين، والتي تلعب دورًا هامًا في الاستجابة الجنسية. لم يكن الوصول إلى الموافقة النهائية سهلًا، فقد رفضت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الدواء في عامي 2010 و 2013 بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والفاعلية.
ولكن، بعد إجراء دراسات إضافية وتطبيق برنامج صارم لإدارة المخاطر، حصل الدواء على الموافقة في عام 2015، وأثبتت الأبحاث اللاحقة، التي قادتها شركة “سبراوت فارماسيوتكلز”، استمراره في تحقيق نتائج إيجابية.
الاحتياطات اللازمة عند استخدام أدي فليبانسرين
على الرغم من فعالية الدواء، إلا أنه يتطلب بعض الاحتياطات الهامة. تحذر الإرشادات الطبية بشكل قاطع من تناول أدي فليبانسرين مع الكحول، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض حاد في ضغط الدم أو الإغماء.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الخبراء أن العلاج الدوائي وحده غالبًا ما لا يكون كافيًا، بل يجب أن يكون مصحوبًا بمتابعة طبية منتظمة واعتماد نمط حياة صحي. فالعلاج الشامل يتضمن معالجة العوامل النفسية والاجتماعية التي قد تساهم في مشاكل الرغبة الجنسية.
صحة المرأة بعد الأربعين: نصائح وإرشادات
تعتبر فترة ما بعد الأربعين مرحلة انتقالية في حياة المرأة، وتصاحبها تغيرات هرمونية قد تؤثر على صحتها بشكل عام. لذا، من الضروري اتباع بعض النصائح والإرشادات للحفاظ على صحة جيدة وجودة حياة عالية.
الدكتورة مها يحيى، أخصائية النساء والتوليد، شددت في تصريح لبرنامج “مع الحكيم” على أهمية فهم هذه التغيرات والتعامل معها بشكل صحيح. وأوضحت أن التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤدي إلى جفاف المهبل، مما يزيد من خطر الإصابة بالالتهابات المتكررة.
التعامل مع جفاف المهبل والالتهابات
“في بعض الأحيان يحصل تغيير في الهرمونات، وهذا التغيير يؤدي إلى جفاف في المهبل، وهو من العوامل التي تجعل المرأة أكثر عرضة للالتهابات المتكررة”، هذا ما أكدته الدكتورة مها. وأضافت أن التشخيص الدقيق يتطلب أخذ عينة من المهبل وإجراء تحاليل، بالإضافة إلى تحاليل الهرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون.
وبناءً على نتائج هذه التحاليل، يتم تحديد العلاج الأنسب للجفاف، والذي قد يشمل استخدام مرطبات مهبلية أو علاجات هرمونية. كما حذرت الدكتورة من بعض الممارسات اليومية الخاطئة التي قد تزيد من فرص الالتهابات، مؤكدة على أهمية النظافة الشخصية واستخدام منتجات لطيفة وغير معطرة.
أهمية المتابعة الطبية المنتظمة
لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية المتابعة الطبية المنتظمة، خاصة بعد سن الأربعين. فالكشف المبكر عن أي مشكلات صحية يمكن أن يساهم في علاجها بشكل أكثر فعالية ومنع تفاقمها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطبيب تقديم النصائح والإرشادات اللازمة للحفاظ على صحة المرأة، بما في ذلك التغذية السليمة وممارسة الرياضة بانتظام وإدارة الإجهاد. فالصحة الشاملة هي أساس الحياة الجنسية الصحية، والعكس صحيح.
في الختام، يمثل دواء أدي فليبانسرين إضافة قيمة إلى الخيارات العلاجية المتاحة للنساء اللاتي يعانين من انخفاض الرغبة الجنسية. ولكن، يجب استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياطات اللازمة. كما يجب على المرأة بعد الأربعين أن تولي اهتمامًا خاصًا بصحتها العامة، وأن تتبع نمط حياة صحي وتخضع لفحوصات طبية منتظمة لضمان جودة حياتها وصحتها الجنسية. لا تترددي في استشارة طبيبك لمناقشة أي مخاوف أو أسئلة لديكِ حول صحتك الجنسية.


