شهد معرض “بنان” للحرف اليدوية بالرياض حضوراً لافتاً للحرفية القطرية منى السليطي، التي أثارت إعجاب الزوار بإحيائها لفن “النقدة” التراثي الأصيل. وقدّمت السليطي لمسة إبداعية من خلال تقديم غرزة جديدة أطلقت عليها اسم “غرزة بنان”، في تجربة فريدة جمعت بين الأصالة والمعاصرة. وتُعد مشاركة السليطي في المعرض مساهمة قيّمة في إبراز الحرف اليدوية الخليجية الغنية وتراثها العريق.
إحياء فن “النقدة” وتراث متجذر
تعود جذور فن “النقدة” إلى مدينة شيراز في إيران، ثم انتشر في دول الخليج العربي مع الهجرات القديمة. اكتسب هذا الفن طابعاً محلياً متميزاً في كل دولة، معبراً عن رموزها الثقافية. ففي قطر، تتميز نقوش “النقدة” برموز البحر والمراكب و”القند”، بينما تعبر في البحرين عن النخيل، مما يعكس عمق هذا الفن المشترك وهويته المتعددة الجذور. منى السليطي، التي بدأت ممارسة هذا الفن عام 2004 بعد أن توارثته عن والدتها وعمتها وجدتها، تعمل على الحفاظ على هذا التراث الغالي.
“النقدة” بين الأصالة والإبداع
تعتمد تقنية “النقدة” على استخدام أنواع مختلفة من “الخوص”، منها الأصلي المصنوع من برادة الذهب أو الفضة، والنوع التقليدي الأقل تكلفة. تؤكد السليطي أن المهارة الحقيقية لا تكمن في نوع الخيط المستخدم، بل في براعة الحرفية نفسها. كما كشفت عن طريقة تقليدية للحفاظ على القطع المطرزة، وهي رشها بالتراب أو الملح وتركها طوال الليل، ثم تنظيفها في الصباح للحفاظ على بريقها ولمعانها.
“غرزة بنان”.. لمسة إبداعية في “بنان”
لقيت مشاركة منى السليطي في معرض “بنان” تفاعلاً كبيراً، خاصةً بعد اكتشافها وجود حرفيين سعوديين يمارسون فن “النقدة” أيضاً. أتاح هذا الاكتشاف فرصة لتبادل الخبرات وتعزيز الروابط التراثية بين الحرفيين في دول الخليج. وفي لحظة إلهام خلال المعرض، ابتكرت السليطي غرزة جديدة أطلقت عليها اسم “غرزة بنان” تكريماً للمناسبة والمكان، لتكون رمزاً للإبداع المتجدد داخل إطار الحرف اليدوية التقليدية.
تفاعل إيجابي وتبادل الخبرات
يعكس هذا التفاعل الإيجابي أهمية المعرض كمنصة لتقريب الحرفيين من مختلف الدول، وتبادل المعرفة والخبرات، مما يساهم في تطوير الحرف اليدوية وتعزيز الهوية الثقافية المشتركة. كما يؤكد على الدور الحيوي الذي يلعبه الحرفيون في الحفاظ على التراث ونقله للأجيال القادمة.
“بنان” منصة لدعم وتمكين الحرفيين
معرض “بنان” الذي تنظمه هيئة التراث السعودية يهدف إلى دعم وتمكين الحرفيين، وتسليط الضوء على الحرف اليدوية السعودية، ونقل الموروث الثقافي للأجيال الجديدة. يُقام المعرض في أجواء تحتفي بالفن والمهارة والتاريخ المشترك بين دول المنطقة. ويوفر المعرض منصة للحرفيين لعرض منتجاتهم والتواصل مع الجمهور والمشترين المحتملين، بالإضافة إلى توفير فرص التدريب والتطوير المهني.
دور هيئة التراث في الحفاظ على التراث
إن جهود هيئة التراث في تنظيم معرض “بنان” تعكس التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على تراثها الثقافي ودعم الحرفيين. ومن خلال هذه المبادرات، تسعى المملكة إلى تعزيز مكانة الحرف اليدوية كجزء أساسي من الهوية الوطنية وجذب السياح المهتمين بالتراث والثقافة.
في الختام، تعد مشاركة منى السليطي في معرض “بنان” مثالاً رائداً على كيفية إحياء التراث بطرق إبداعية ومعاصرة. إن فن “النقدة” وغرزة “بنان” ليسا مجرد أعمال يدوية جميلة، بل هما تعبير عن هوية ثقافية غنية وتقاليد متوارثة عبر الأجيال. ندعو الجميع لزيارة معرض “بنان” ودعم الحرفيين والتعرف على جماليات الحرف اليدوية الخليجية.


