بدت في الآونة الأخيرة أساليب احتيالية تتمثل في ترصد البعض السائقين المخالفين في الشوارع الميتة أو النائية وابتزازهم، لكن الأجهزة الأمنية نجحت في الإطاحة بعدد منهم، إذ درج المحتالون على التواجد في المواقع التي تكثر فيها المخالفات المرورية مثل: عكس السير، وتجاوز الإشارة الحمراء، وخلافها.
وطبقاً للخبير الأمني والمروري اللواء متقاعد محمد حسن القحطاني فإن المحتالين يتمركزون بسيارة فارهة غالية الثمن في موقع تحدث فيه المخالفات، ويعمدون إلى الاصطدام بالسيارة المخالفة، ثم تحدث مساومات وتفاهمات من المحتال تجاه المخالف، مهدداً بتصعيد الأمر كون الضحية لا يتمتع بالتغطية التأمينية بسبب مخالفته، إذ يفقد المؤمِّن تأمينه في حالات عكس السير أو قطع الإشارة أو القيادة تحت تأثير المسكر.
ويضيف القحطاني أن الضحية يعمل جاهداً للخروج من المأزق بإقناع المحتال بالتنازل، وتتكرر الواقعة مع ضحية أخرى. ويضيف: بعض المحتالين قد يرتكبون عدة حوادث متعمدة في اليوم نفسه؛ أملاً في حصد الأموال. وينصح القحطاني الجميع باحترام القواعد المرورية أولاً لحفظ الأرواح والممتلكات، ولمنع أي ممارسة احتيالية قد يرتكبها البعض، منبهاً إلى ضرورة استدعاء جهات الاختصاص التي تمتلك المحققين وأصحاب الخبرة في التعامل مع مثل هذه الحوادث ومعرفة الحادثة الاحتيالية وإحالة الواقعة برمتها إلى الجهات المعنية لكشفها عبر الخبراء.
حوادث سير مفتعلة
الإدارة العامة للمرور، ممثلةً في قسم البحث والتحري بمرور منطقة الرياض، كشفت القبض على مقيمين من الجنسيتين السورية واليمنية لافتعالهما حوادث مرورية بغرض النصب والاحتيال. وأشارت إلى إيقافهما واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهما وإحالتهما للنيابة العامة.
وكان سكان وعاملون في محلات تجارية (شرقي الرياض) لاحظوا تكرار وجود سيارات في أماكن محددة بهدف ترصّد السائقين المخالفين. وبحسب شهود عيان، كان المبتزّون يستهدفون النساء بشكل خاص، مستغلين الموقف لتهديدهن بالإبلاغ أو الحصول على مبالغ مالية.
لا ترضخوا للابتزاز
الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم المطرفي يرى أن الحادثة المُدبّرة حادثة مُخطَّط لها ومُنفَّذة بغرض تقديم مطالبة تأمين احتيالية. وفي بعض الحوادث المدبرة يسمح لأحد قائدي المركبات بالانعطاف نحو طريق فرعي أو مدخل جانبي، وبدلاً من السماح له بمواصلة انعطافه، يُسرّع للاصطدام به متسبباً في حادثة مرورية. ومن أبرز الحوادث المفتعلة التوقف المفاجئ أمام مركبة أخرى، ما يتسبب في حادثة تصادم خلفي، وفي بعض الحالات ينجح المحتالون في تنفيذ ذلك، بينما يكون السائق الآخر مشتتاً وفي غير حالة انتباه، وغالباً ما يؤدي هذا الاحتيال إلى تحميل الضحية المسؤولية القانونية والمادية لأنها حادثة تصادم خلفي.
ومن الممارسات المتعمدة في الحوادث الرجوع للخلف عند الإشارات المرورية، زاعماً أن الضحية قام بالاصطدام به من الخلف، وقد يزعم المحتال وجود ركاب تضرروا بفعل هذه الحادثة المفتعلة، مطالباً بدفع تعويضات لهم ومقابل خسائره في المركبة.
ودعا اللواء سالم المطرفي كل من يتعرض لهذه الممارسات إلى عدم الرضوخ للابتزاز، والتوجّه فوراً إلى أقرب مركز شرطة، مع محاولة الحصول على تسجيلات كاميرات المراقبة من المحلات المجاورة كدليل إثبات.
كذب وخداع وإيهام
المستشار القانوني عبيد أحمد العيافي قال إن عقوبة المحتالين قد تصل إلى السجن لمدة سبع سنوات، وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفقاً لما يقرره القضاء بناءً على ظروف كل قضية، مشدداً على أن استغلال المخالفات المرورية لتحقيق مكاسب شخصية اعتداء على النظام والأمن المجتمعي، مؤكداً أن الجهات الأمنية تتعامل بجدية قصوى مع هذه البلاغات.
ونصت المادة الأولى من نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة على أنه: «يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سبع سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استولى على مال للغير دون وجه حق بارتكابه فعلاً أو أكثر ينطوي على استخدام أي من طرق الاحتيال، بما فيها الكذب أو الخداع أو الإيهام.
وكشف القانوني العيافي بعض أنواع الاحتيال المشمولة ومنها الاحتيال في الحوادث المرورية، وافتعال حادثة لتضخيم قيمة الأضرار أو الحصول على مبلغ التأمين. كما يعد الاحتيال في التأمين الطبي أو غيره يشمل أي تزوير أو تلاعب في وثائق التأمين للحصول على تعويضات غير مستحقة.
7مؤشرات في حالات الاشتباه
أكدت شركة نجم لخدمات التأمين استمرارها في تعزيز جهود مكافحة الاحتيال وتطوير مؤشرات الاشتباه في صحة الحوادث المرورية، ورصد حالات الاحتيال التي تضمنت سبعة مؤشرات رئيسية متعلقة بوقت وقوع الحادثة، قائد المركبة، كيفية وقوع الحادثة، مستندات الحادثة، عدم تطابق الأضرار، والأضرار القديمة، إضافة إلى الآثار في موقع الحادثة، كما تضمنت التحديثات سجل الأطراف والمركبات في قاعدة بيانات نجم التي تدعم قرارات الاشتباه في صحة الحوادث.
ويعتمد كشف الحوادث الاحتيالية على دراسة حالات الاشتباه وجمع القرائن لمساعدة الشركاء في شركات التأمين على اتخاذ القرارات ودراسة المطالبات التأمينية، والعمل على حوكمة وتنفيذ الإجراءات والضوابط الداخلية لمنع وكشف الاحتيال، فضلاً عن إجراء دراسات تحليلية عن الاحتيال بناءً على مصادر متعددة للمعلومات وتحليل البيانات التأمينية المتراكمة وسجلات الأطراف والمركبات كنشاط وقائي، ومن ثم وضع المؤشرات الملائمة لاكتشاف مواضع الاحتيال والحفاظ على حقوق جميع الأطراف.
أخبار ذات صلة


