مع بداية فصل الخريف وانتقالنا إلى الشتاء، يشعر الكثيرون بانخفاض في مستويات الطاقة والحيوية. وأوضحت الدكتورة أولغا تشيستيك، وهي أخصائية في أمراض الجهاز الهضمي، أن هذا الانخفاض في مستوى الطاقة غالبًا ما يكون مرتبطًا بقلة التعرض لأشعة الشمس خلال هذه الفصول. هذا التغيير الموسمي يؤثر على العمليات البيولوجية في الجسم، مما يستدعي فهم الأسباب والتعامل معها.
هذه الظاهرة، التي يلاحظها الكثيرون في مناطق مختلفة، ليست مجرد شعور بالعجز أو الإرهاق. بل هي غالبًا ما تكون نتيجة لتغيرات هرمونية مرتبطة بضوء النهار الأقل. وبحسب الخبراء، يمكن اتخاذ خطوات عملية للتخفيف من هذه الأعراض وتحسين الشعور العام بالراحة.
أسباب انخفاض مستوى الطاقة في الخريف والشتاء
السبب الرئيسي وراء انخفاض الطاقة خلال هذه الفصول هو انخفاض إنتاج فيتامين د، وذلك نتيجة قلة التعرض لأشعة الشمس المباشرة. فيتامين د يلعب دوراً هاماً في العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك امتصاص الكالسيوم وتقوية جهاز المناعة. كما أن نقصه مرتبط بتعكير المزاج والشعور بالتعب.
تأثير فيتامين د على المزاج
وفقًا للدكتورة تشيستيك، يؤدي نقص فيتامين د إلى انخفاض إنتاج هرمون السيروتونين، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا حاسمًا في تنظيم المزاج والشعور بالسعادة. يمكن أن يؤدي انخفاض السيروتونين إلى أعراض مثل التعب واللامبالاة وتقلب المزاج.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثر ضوء الشمس على إيقاع الساعة البيولوجية للجسم. عندما يكون ضوء النهار أقل، قد تصبح الساعة البيولوجية غير متوازنة، مما يؤدي إلى اضطرابات النوم والشعور بالإرهاق خلال النهار.
أهمية الأحماض الأمينية والكربوهيدرات
ليست زيادة تناول البروتين هي الحل الوحيد لتعزيز إنتاج السيروتونين، كما هو شائع. يلعب حمض التربتوفان دوراً رئيسياً بصفته المصدر الأساسي لهذا الهرمون، لكنه يحتاج إلى مساعدة من عناصر غذائية أخرى ليعمل بكفاءة.
تشمل هذه العوامل المساعدة فيتامينات من مجموعة B، والمغنيسيوم، والزنك، والكربوهيدرات المعقدة. هذه العناصر تساعد التربتوفان على الوصول إلى الدماغ والتحول إلى سيروتونين. لذلك، يفضل الجمع بين الأطعضة الغنية بالتربتوفان والكربوهيدرات المعقدة.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون تناول الديك الرومي مع الحنطة السوداء خياراً ممتازاً، وكذلك البيض مع الخبز الأسمر أو الجبن القريش مع الموز. هذه التركيبات الغذائية تعزز إنتاج النواقل العصبية بسرعة أكبر.
تأثيرات أخرى ومخاطر محتملة مرتبطة بانخفاض الطاقة
بالإضافة إلى انخفاض مستويات السيروتونين، تشير الدراسات إلى أن قلة التعرض لأشعة الشمس يمكن أن تؤثر على مستويات هرمون الميلاتونين، الذي ينظم النوم. زيادة إنتاج الميلاتونين في غير أوقاته قد تسبب الشعور بالنعاس والرغبة في النوم خلال النهار.
في حالات نادرة، يمكن أن يتطور هذا الانخفاض في الطاقة إلى اضطراب عاطفي موسمي (SAD)، وهو نوع من الاكتئاب يرتبط بالتغيرات الموسمية في ضوء النهار. يُعد الاضطراب العاطفي الموسمي أكثر شيوعًا في المناطق التي تشهد فصول شتاء طويلة ومظلمة، ويتطلب في بعض الأحيان تدخلًا طبيًا.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي انخفاض مستوى الطاقة إلى ضعف في جهاز المناعة، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المعدية مثل نزلات البرد والإنفلونزا. لذلك، من المهم تعزيز نظام المناعة خلال هذه الفصول من خلال اتباع نظام غذائي صحي وتناول مكملات فيتامين د إذا لزم الأمر.
استراتيجيات لتعزيز الطاقة خلال الخريف والشتاء
هناك عدة طرق لتعويض نقص الطاقة في هذه الفصول. أولاً، حاول زيادة التعرض لأشعة الشمس قدر الإمكان، حتى لو كان ذلك يعني الخروج لفترة قصيرة خلال ساعات الذروة. ثانياً، قم بتضمين الأطعمة الغنية بفيتامين د في نظامك الغذائي، مثل الأسماك الدهنية وصفار البيض.
ثالثاً، انتبه إلى نظامك الغذائي بشكل عام، وتأكد من حصولك على كمية كافية من فيتامينات B والمغنيسيوم والزنك والكربوهيدرات المعقدة. चौथाً، حافظ على روتين نوم منتظم ومارس التمارين الرياضية بانتظام.
أحد الجوانب الهامة التي يجب مراعاتها هو أهمية التغذية المتوازنة. فبدلًا من التركيز على عنصر غذائي واحد، يجب الحرص على تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة التي توفر جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم. اهتم أيضاً بشرب كمية كافية من الماء للحفاظ على رطوبة الجسم.
الخطوات القادمة والمستقبل
من المتوقع أن تستمر الأبحاث في استكشاف العلاقة المعقدة بين ضوء الشمس والصحة النفسية والجسدية. تشمل المجالات الواعدة دراسة تأثير العلاج بالضوء على علاج الاضطراب العاطفي الموسمي وتطوير أطعمة مدعمة بفيتامين د.
في الوقت الحالي، توصي الجهات الصحية بمراجعة الطبيب إذا كنت تعاني من أعراض حادة أو مستمرة لانخفاض الطاقة، لتقييم حالتك واستبعاد أي أسباب طبية أخرى محتملة. يُنصح أيضًا بمراقبة مستويات فيتامين د بشكل دوري، خاصةً للأشخاص المعرضين لخطر النقص، مثل كبار السن والأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات ضوء شمس محدود. مستوى الطاقة الجيد ضروري لصحة جيدة.


