تناولت وسائل إعلام إسرائيلية باهتمام واسع رد حركة حماس الإيجابي على المقترح الذي تقدم به الوسطاء، معتبرة أن الكرة باتت الآن في ملعب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليقرر إن كان سيقول “نعم” ويمضي في اتفاق قد ينهي الحرب.

وأشارت القنوات الإسرائيلية إلى أن حركة حماس لم تضع تعديلات على المبادرة، وهو ما يفتح الباب أمام صفقة وصفت بأنها “جزئية”، إذ تشمل وقفا لإطلاق النار لمدة 60 يوما، وإطلاق سراح 10 من المحتجزين الأحياء و18 جثة، مع إدخال المساعدات عبر المؤسسات الإنسانية ومواصلة التفاوض بشأن إنهاء القتال.

وفي هذا السياق، أوضح محللون أن توصيف الصفقة يظل خاضعا للقراءة السياسية، فبينما يمكن اعتبارها “شاملة بمراحل” فإنها قد تُقدَّم أيضا كاتفاق مرحلي محدود.

واعتبر حيزي سيمانتوف محلل الشؤون الفلسطينية في القناة الـ13 أن حركة حماس تجاوبت بمرونة، لكن “على إسرائيل الآن أن تحدد موقفها الواضح وتقول نعم أو لا”.

لكن التساؤلات في إسرائيل تمحورت حول مدى جدية الحكومة في المضي بالاتفاق، إذ لفت رئيس قسم الشؤون العربية في القناة الـ11 روعي كايس إلى أن تصريحات رسمية أخيرة استبعدت أي صفقات جزئية، في وقت يحاول الوسطاء تمرير الاتفاق قبل أي عملية عسكرية محتملة ضد مدينة غزة.

وأضافت رئيسة قسم الاقتصاد في القناة نفسها ليليل كايزر أن رئيس الوزراء تعهد سابقا بعدم إبرام أي اتفاقات جزئية، وأن عودة الأسرى لن تتحقق من وجهة نظره “من دون هزيمة حماس”، معتبرة أن خطاب الحكومة يزداد تشددا رغم الضغوط.

تحذير من التمسك بخيار الحرب

في المقابل، عبّر بعض أهالي الجنود والأسرى عن استيائهم من تردد الحكومة، إذ دعاها إيتمار بونفيل -وهو والد جندي قُتل في غزة- إلى تحمّل المسؤولية، محذرا من أن التمسك بخيار الحرب يعني “الاستمرار في طرق أبواب العائلات للإبلاغ عن مقتل أبنائها”، في حين يمكن إنقاذ أرواح عبر الصفقة.

وتكررت على الشاشات الإسرائيلية الإشارة إلى أن نتنياهو أعلن سابقا موافقته على مقترح ويتكوف، وأن المطلوب كان رد حماس الإيجابي، وهو ما تحقق بالفعل.

ورأى مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ11 سليمان مسودة أن المنطق يفترض قبول إسرائيل المقترح بعد موافقة الحركة عليه.

لكن المشهد السياسي الداخلي ألقى بظلاله على الموقف الرسمي، إذ جدد وزراء اليمين المتطرف رفضهم، ملوحين بتهديدات بالانسحاب من الحكومة، فقد كتب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أنه “لا تفويض لرئيس الحكومة للذهاب إلى صفقة جزئية دون هزيمة حماس”، كما كرر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الموقف ذاته.

وتشير القنوات الإسرائيلية إلى أن هذه التهديدات رغم حدتها قد لا تكون جدية بالكامل في ظل عطلة الكنيست، مما يقلل فرص إسقاط الحكومة، لكنها تظل ضاغطة على نتنياهو وتضعه أمام معادلة صعبة بين إرضاء حلفائه اليمينيين والاستجابة لمطالب عائلات الأسرى.

وعبّر أوفير بريسلافسكي -وهو والد أحد الأسرى في غزة- عن مخاوفه من تكرار إفشال نتنياهو الصفقات السابقة، مطالبا بالإفراج عن جميع المحتجزين “دون إضاعة المزيد من الوقت”، مؤكدا أن الوضع لم يعد يحتمل المماطلة السياسية.

وبينما تتابع وسائل الإعلام هذه التجاذبات نقلت بعض القنوات شهادة أسير من داخل غزة عن معاناته الصحية، في مشهد اعتبره مراقبون دليلا على ضيق الوقت، وضغطا إضافيا على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ قرار سريع قبل فوات الأوان.

إسرائيل تميل لعودة المفاوضات

وفي السياق، قال الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد إن إسرائيل تميل إلى العودة للمفاوضات عبر اتفاق جزئي، مدفوعة بجملة عوامل داخلية وخارجية.

وأوضح أبو عواد في تصريحاته للجزيرة نت أن الخلافات بين نتنياهو وسموتريتش بشأن جدية اجتياح غزة، إلى جانب تصاعد انتقادات الجيش لغياب القدرة على تحقيق الأهداف السياسية ونقص الجنود والآليات كلها دفعت الحكومة إلى التفكير في خيار التسوية الجزئية.

وأضاف أن الضغوط الأميركية -خاصة من إدارة دونالد ترامب- أسهمت في تقييد خيارات تل أبيب، مشيرا إلى أن الحراك القطري المصري لم يكن بعيدا عن تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة.

وأكد أبو عواد أن نتنياهو يسعى من خلال هذه المناورة إلى تمرير قانون التجنيد لإرضاء الحريديم، مما يستدعي تهدئة الحرب لفترة مؤقتة، فهو لا يخشى سقوط حكومته بسبب سموتريتش وبن غفير بقدر ما يخشى من الحريديم.

كما لفت إلى أن الاحتجاجات الشعبية الواسعة والضغوط الدولية المتزايدة دفعت إسرائيل إلى محاولة تسويق الاتفاق على أنه إنجاز أمني وسياسي رغم أن نتنياهو قد ينقلب عليه في أي لحظة إذا ما تأزم الوضع الداخلي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version