أعربت دينيس براون، المقررة الأممية للشؤون الإنسانية في السودان، عن صدمتها ومرارة الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه السودانيون، واصفة إياه بـ”المروع” ومحملةً المجتمع الدولي مسؤولية التقاعس عن تقديم المساعدة الكافية. هذا المقال يسلط الضوء على التحذيرات الملحّة التي أطلقتها براون حول الوضع المتردي، ونقص التمويل الحاد، والمعاناة الإنسانية المروعة التي تتفاقم مع استمرار الحرب.
الوضع الإنساني في السودان: صرخات مدوية في وجه الصمت الدولي
وصفت دينيس براون، في حديث لها مع الجزيرة، الوضع في السودان بأنه “مروع”، مما يستدعي شعوراً بالعار والخزي لدى المجتمع الدولي بسبب عدم الاستجابة الكافية لاحتياجات الملايين من النازحين. فالسودان، الذي يعاني من حرب طاحنة ومجازر وعنف جنسي منظم، يشهد أسوأ أزمة إنسانية منذ عقود. هذا التصريح جاء في ختام عام 2025، والذي شهد أرقاماً قياسية في عدد القتلى والنازحين واللاجئين، مما يضع ضغوطاً هائلة على البنية التحتية المنهارة والقدرة المحدودة على تقديم المساعدة. فالأزمة الإنسانية في السودان تتطلب تحركاً سريعاً وفعالاً.
فجوة تمويلية كارثية تهدد حياة الملايين
أشارت براون إلى أن 60% من التمويل الإنساني المطلوب لم يتم توفيره حتى الآن، مما يعيق بشكل كبير قدرة المنظمات الأممية على تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. هذه الفجوة الصادمة تعني أن ملايين السودانيين يفتقرون إلى الغذاء والماء والمأوى والرعاية الصحية، ويواجهون خطر الموت بسبب الأمراض والجوع والعنف.
تداعيات نقص التمويل على القطاعات الحيوية
نقص التمويل يؤثر بشكل مباشر على جميع القطاعات الحيوية، بما في ذلك:
- الرعاية الصحية: نقص الأدوية والمعدات الطبية والأطباء يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصحية للسكان، وزيادة معدلات الوفيات.
- المأوى: النازحون يعيشون في ظروف غير إنسانية في الخيام والمساكن العشوائية، معرضين للأمراض والعوامل الجوية القاسية.
- الخدمات الأساسية: عدم توفر المياه النظيفة والصرف الصحي يزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية.
- التعليم: انقطاع الأطفال عن المدرسة يؤدي إلى تفويت فرصتهم في التعليم والتنمية.
العنف الجنسي المنظم: جريمة ضد الإنسانية تتفاقم
أحد أفظع جوانب الأزمة الإنسانية في السودان هو العنف الجنسي المنظم، الذي يمثل جريمة ضد الإنسانية. كشفت براون عن وجود حالات اغتصاب جماعي وعنف جنسي يصل إلى مستوى التعذيب، تستهدف بشكل أساسي النساء والأطفال. هؤلاء الضحايا يفتقرون إلى الحماية الكافية والمساعدة اللازمة للتعافي من صدماتهم. الوضع يزداد سوءا مع غياب الدعم الكافي من المجتمع الدولي، مما يزيد من إفلات الجناة من العقاب. تعتبر مكافحة العنف ضد المرأة والطفل ضرورة إنسانية وقانونية.
مخيمات النازحين: صور مروعة للمعاناة الإنسانية
وصف براون مشهدًا صادمًا في مخيم طويلة للنازحين، حيث رأت نساء وأطفالًا يفرون من ديارهم ويصلون إلى المخيم دون أي مساعدة. هؤلاء الناس يواجهون ظروفًا لا يمكن تصورها، ويعتمدون على الموارد المحدودة المتوفرة. إن رؤية هؤلاء الضحايا العالقين في دوامة العنف والحرب يعزز الشعور بالإحباط والخجل من تقاعس المجتمع الدولي. إن الحاجة إلى المساعدة الإنسانية في هذه المخيمات ملحة للغاية.
دعوة ملحة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته
على الرغم من امتنانها للمانحين الذين يقدمون المساعدة، إلا أن براون أكدت أن الفجوة الحالية في التمويل “غير قابلة للتبرير”. إنها تدعو المجتمع الدولي إلى التحلي بالشجاعة والمخاطرة بكل شيء لتقديم المساعدة اللازمة للسودانيين. فهؤلاء الناس يخاطرون بحياتهم يوميًا، وينزحون على ظهور الحمير في رحلات محفوفة بالمخاطر، بينما لا يبذل المجتمع الدولي الجهد الكافي لمساعدتهم. يجب أن تتجاوز الاستجابة الإنسانية مجرد تقديم الإغاثة الطارئة، وأن تشمل أيضًا دعم جهود إعادة الإعمار والتنمية.
السودان: أزمة إنسانية تتطلب حلولاً سياسية واستجابة فورية
أكدت المقررة الأممية على أهمية إيجاد حلول سياسية للأزمة في السودان، إلا أنها شددت على أن توفير المساعدة الإنسانية لملايين العالقين في الحرب يجب أن يكون أولوية قصوى. إنها تحمل المجتمع الدولي مسؤولية توفير الغذاء والدواء والمأوى والحماية لجميع المدنيين المتضررين من الحرب. إن الوضع في السودان يتطلب تكاتف الجهود الدولية لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة. إن تجاهل هذه الأزمة يعني التخلي عن شعب بأكمله في وجه الموت والدمار.
الاستجابة الفورية للأزمة الإنسانية في السودان ليست مجرد واجب أخلاقي، بل هي ضرورة إنسانية ملحة. فالوضع يتدهور بسرعة، وإذا لم يتم التحرك الآن، فقد تكون النتائج كارثية. نأمل أن تستجيب الدول والمنظمات الدولية لنداءات الاستغاثة، وأن تقدم المساعدة اللازمة لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة في السودان.


