في ظل الحرب المستمرة منذ أربعة أيام بين إسرائيل وإيران، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قرارًا حاسمًا قد يُغير مسار الصراع في الشرق الأوسط.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن الخيار المطروح هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل مباشرة عبر دعم إسرائيل لتدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية، المدفونة عميقًا تحت الأرض، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا باستخدام قنبلة «قاتلة الحصون» الأمريكية العملاقة (GBU-57)، التي تُعرف باسم «القنبلة الضخمة» ويتم إسقاطها من قاذفات B-2 الأمريكية.
وسيجعل التدخل الأمريكي في هذا الصراع، الولايات المتحدة طرفًا مباشرًا في نزاع جديد بالمنطقة، وهو ما تعهد ترمب خلال حملتيه الانتخابيتين بتجنبه.
من جانبها، حذرت إيران من أن أي مشاركة أمريكية في الهجوم على منشآتها ستُقوض فرص إحياء اتفاق النزع النووي، الذي يصر ترمب على أنه لا يزال مهتمًا به.
في محاولة لتجنب التصعيد، اقترح ترمب على مبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وربما نائب الرئيس جيه دي فانس، عقد لقاء مع الإيرانيين، وفقًا لمسؤول أمريكي.
لكن تصريحات ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الإثنين، حيث دعا الجميع إلى إخلاء طهران فورًا، أثارت تساؤلات حول جدية هذه المساعي الدبلوماسية.
في الوقت ذاته، أشار ترمب إلى أن إيران على طاولة المفاوضات وترغب في التوصل إلى اتفاق.
ومع تصاعد التوتر، أعلن البيت الأبيض مساء الإثنين أن ترمب سيغادر قمة مجموعة السبع مبكرًا بسبب الأوضاع في الشرق الأوسط، وقال ترمب: حالما أغادر، سنقوم بشيء ما، دون أن يكشف عن تفاصيل خططه.
في حال عقد لقاء بين فانس وويتكوف والإيرانيين، فإن الطرف الإيراني المحتمل هو وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي لعب دورًا بارزًا في مفاوضات الاتفاق النووي لعام 2015.
وأعرب عراقجي، أمس (الإثنين)، عن انفتاحه على التفاوض، قائلًا: إذا كان ترمب جادًا في الدبلوماسية ويرغب في وقف هذه الحرب، فالخطوات القادمة حاسمة.
وأضاف أن مكالمة هاتفية واحدة من واشنطن قد تكون كفيلة بكبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مما يفتح الباب أمام العودة إلى الدبلوماسية.
ومع ذلك، إذا فشلت الجهود الدبلوماسية أو رفضت إيران الامتثال لمطلب ترمب الأساسي بوقف تخصيب اليورانيوم على أراضيها، فقد يلجأ الرئيس إلى خيار تدمير فوردو ومنشآت نووية أخرى باستخدام قنبلة GBU-57، التي تزن 30 ألف رطل ولا تمتلك إسرائيل القدرة على استخدامها، حيث تحتاج إلى قاذفة B-2 التي تمتلكها الولايات المتحدة فقط.
ويؤكد خبراء أن فوردو تُعد حجر الزاوية في البرنامج النووي الإيراني، ويقول بريت ماكغورك، الذي عمل في قضايا الشرق الأوسط عبر أربع إدارات أمريكية: إذا انتهى الصراع وفوردو لا تزال تُخصب اليورانيوم، فلن يكون هناك مكسب إستراتيجي.
وتشير التقديرات إلى أن هجومًا على فوردو يتطلب موجات متتالية من القنابل لضمان تدمير المنشأة، بقيادة طيارين أمريكيين.
وبدأت الحرب يوم الجمعة عندما أمر نتنياهو بضربات على إيران، مدعيًا وجود تهديد وشيك استدعى عملًا استباقيًا بناءً على معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران على وشك تحويل مخزونها من الوقود النووي إلى أسلحة.
بينما يتفق مسؤولو الاستخبارات الأمريكية على أن إيران تُحاول تقليص الوقت اللازم لتصنيع قنبلة نووية، إلا أنهم لا يرون اختراقات كبيرة في هذا الاتجاه.
إذا نجت فوردو من الصراع، ستحتفظ إيران بالمعدات الأساسية لاستئناف برنامجها النووي، حتى لو دُمرت بنيتها التحتية النووية الأخرى.
وهناك بدائل غير عسكرية، مثل قطع إمدادات الطاقة عن فوردو، كما حدث في منشأة نطنز يوم الجمعة، مما أدى إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزي، وفقًا لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.
وفي الولايات المتحدة، ينقسم الجمهوريون حول هذا القرار. يدعو السيناتور ليندسي غراهام إلى الذهاب بكل قوة لتدمير البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك توفير القنابل اللازمة، وفي المقابل، يحذر الجناح المناهض للتدخل في الحزب، بقيادة شخصيات مثل تاكر كارلسون، من مخاطر الانجرار إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، معتبرين أن إسرائيل يجب أن تخوض حروبها بمفردها.
وفي البنتاغون، هناك انقسام آخر. يرى إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للسياسات، أن أي موارد عسكرية تُستخدم في الشرق الأوسط تُصرف عن مواجهة الصين في المحيط الهادئ.
وحاليًا، يحاول ترمب التوفيق بين الدبلوماسية والضغط العسكري، ويمكنه إقناع أنصاره بأنه يستخدم تهديد القنبلة العملاقة لإنهاء الصراع سلميًا، بينما يحذر إيران من أنها ستتوقف عن التخصيب إما باتفاق دبلوماسي أو بتدمير منشآتها.
أخبار ذات صلة