القاهرة- “طنطاوي.. طنطاوي”، هتاف ظل شباب معارضون في مصر يرددونه لأسابيع مصحوبا بعبارة “يحيا الأمل”، حتى أعلن السياسي الشاب والبرلماني السابق أحمد الطنطاوي أنه لن يخوض السباق الرئاسي لتعذر جمع 25 ألف توكيل لازمة للترشح، غير أن “الأمل باق وسيحيا”، بحسب تعبيره.

وخلال مؤتمر صحفي -الأسبوع الماضي- أعلن الطنطاوي عن خطواته المقبلة، المتمثلة في السعي للعمل على تدشين تنظيم سياسي أو جبهة منظمة تحمل مشروعا ورؤية متكاملة، كما أنه سيدرس ذلك المشروع مع عدد كبير من القوى السياسية المختلفة.

وتطرح التطورات الراهنة أسئلة بشأن مدى واقعية وفعالية المسارات المأمولة للعمل السياسي، في ظل إعلان معظم القوى السياسية أنها تعاني من التضييق والملاحقة، ولا يزال العشرات من مؤيدي الطنطاوي وأعضاء حملته معتقلين رهن قضايا “تزوير توكيلات” و”الانضمام لجماعة محظورة”، وهي التهم التي تنفيها الحملة.

المثير أنه لا أحد ممن استطلعت الجزيرة نت آراءهم، أتى على ذكر اسم مرشح آخر من الأسماء المطروحة لمنافسة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في سباق الانتخابات الرئاسية المقبل، ووضع “الأمل” عليه لمنافسة حقيقية، لا رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، ولا رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، ولا رئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، وكلهم حصلوا على تأييد برلمانيين وجملة التوكيلات اللازمة للترشح، وكأن “وجودهم لا يمثل منافسة حقيقية للمرشح عبد الفتاح السيسي، بل لضبط الصورة بوجود حرية منافسة”، بحسب متابعين.

خيارات المعارضة

في هذا السياق، يقدر السياسي مجدي حمدان، والقيادي بحزب المحافظين -أحد أحزاب الحركة المدنية- أن “المعركة لم تنتهِ بعد، باعتبار الرئيس عبد الفتاح السيسي فائزا بشكل مؤكد بالانتخابات بعد خروج طنطاوي من السباق”، مؤكدا أن “الأمور مختلفة هذه المرة عن الانتخابات الأخيرة عام 2018، حيث تآكلت شعبية السلطة الحالية مع تدهور الأحوال المعيشية لمعظم المصريين”.

وذكر حمدان، في حديثه للجزيرة نت، أن الحركة المدنية تدرس عدة خيارات، استنادا لقوتها المتمثلة في أنها مظلة تضم 9 أحزاب، يمكن أن تصطف مع مشروع الطنطاوي، المعتمد على الشباب بشكل رئيسي.

وقال إن تحركات الطنطاوي نجحت في كسر حاجز الخوف من السلطة، لذا من “المهم والملهم البناء على تلك المكاسب، والذهاب لخطوة أبعد في منع السلطة من اكتساب شرعية غير حقيقية، بالطعن في إجراءات نزاهة الانتخابات، مع طرح احتمال مقاطعتها”، بحسب وصفه.

قاطرة للتغيير

بدوره، رأى علاء الخيام القيادي في الحركة المدنية، أن هناك أوراقا عديدة يملكها الطنطاوي والذين معه، منها الالتفاف الشعبي حوله، وكتلة استطاع تدشينها ويمكن البناء عليها، إضافة إلى حالة الحراك المهمة التي أحدثها في المشهد السياسي، وكذلك دعم قوى وشخصيات سياسية وازنة، وخبرات مقدرة من قيادات حزبية انخرطت في حملة الطنطاوي للتغيير.

وأضاف الخيام للجزيرة نت أنه من الأوراق المهمة الداعمة لمشروع الطنطاوي الاقتناع الشعبي به “والذي ظهر في الاحتشاد أمام مقرات الشهر العقاري مرارا، إيمانا بمشروع الطنطاوي وبتاريخه البرلماني، ووضوح خطابه السياسي وصدقه، وكلها أوراق تستطيع جمع قوى سياسية قوية حوله، باعتباره مشروعا سياسيا قويا قادرا على إحداث التغيير”، بحسب وصفه.

وتابع الخيام “أمامنا أسبوعان ليرى هذا المشروع النور، ويدور حوله حوار سياسي ومجتمعي، والتفاعل معه من قطاعات مختلفة ووازنة، تشكل قاطرة للتغيير”.

وأعلن محمد أبو الديار منسق حملة أحمد الطنطاوي، حصول الطنطاوي على 14160 توكيلا من داخل مصر وخارجها، كما أعلن أن الحملة جمعت أكثر من 25 ألف استمارة تطوع. وتتهم الحملة السلطات بعرقلة ومنع أنصار الطنطاوي من تحرير التوكيلات، وهي الاتهامات التي ترفضها السلطات المصرية.

الاستعداد مجددا

من جهته، أكد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني والخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام عمرو هاشم ربيع، قدرة الطنطاوي على إيجاد حالة التفاف حوله من القوي السياسية المعارضة للنظام، لافتا إلى أن جولات الطنطاوي بالشوارع أسهمت في إحداث حراك سياسي بعد سنوات من الجمود.

وتابع ربيع أن هذا الحراك “فضح انحياز لجنة الانتخابات لمرشح بعينه، وعدم وقوفها على مسافة واحدة من كافة المرشحين، فضلا عن جدولها غير المنطقي للاستحقاق”، وفق تعبيره، لكن ربيع اعتبر في حديثه للجزيرة نت أن ذلك “كرّس نوعا من التعاطف مع الطنطاوي، الذي يمكن البناء عليه، لجمع القوى المعارضة للنظام من حوله، والاستفادة من نجاح الطنطاوي في إيجاد رأس تقود قاطرة التغيير”.

ومع هذا يرى ربيع أن أفضل سيناريو للطنطاوي أن يستعد من الآن للترشح للانتخابات الرئاسية في 2030 بشكل متأن وهادئ، باعتبار أن أي تحركات يمكن تفسيرها بمخالفة الدستور والقانون، ستتم معاقبته عليها بشكل عنيف.

وأضاف ناصحا “من المستحسن التركيز على الأمور ذات الطابع الاجتماعي بتمهل ووعي شديدين، حتى لا ينزلق إلى ما لا يحمد عقباه، في ظل إمكانية التربص به مستقبلا”، معربا عن توقعاته بإمكانية انهيار المشروع حال اصطدامه بصخرة السلطة، وتعقبه وأنصاره، وقد يتكرر معه سيناريو ملاحقة السياسي أيمن نور وحبسه، إبان عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.

تغيير سلمي

من الناحية القانونية الشكلية، يحق للمعارضة بقيادة الطنطاوي سلوك السبل السلمية الساعية للتغيير، بحسب نائب رئيس محكمة النقض السابق المستشار محمد ناجي دربالة، وذلك هو “السبيل الوحيد المتاح الآن بالقبول بوجود النظام الحالي كأمر واقع”.

وتوقع دربالة في حديثه للجزيرة نت أن يؤدي تفاعل الطنطاوي القوي مع المشهد السياسي داخليا وخارجيا، مع إمكانياته وقدراته على حشد القوى المعارضة للنظام حوله، إلى أن “تعصف السلطة به وبتياره، عبر تكرار سيناريو أيمن نور وسامي عنان وهشام جنينة وغيرهم، بدعاوى قانونية مصممة لهذا الغرض”، وفق تعبيره.

ورأى أن مستقبل الطنطاوي السياسي مرتبط بما سينجزه في مشروعه، معتبرا أن نجاحه في تدشين جبهة قوية لكل طالبي التغيير السلمي تحت لافتة ثورة 25 يناير يشكل إزعاجا للسلطة وستحاول مقاومته.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.