لم تتراجع وتيرة القتل الإسرائيلية لسكان قطاع غزة بالقذائف والصواريخ، في حين يحصد الجوع روح من لم يقتله الرصاص، مما يثير تساؤلات بشأن الأسباب التي تدفع إسرائيل للمضي قدمًا في مخططها وعجز العرب والمجتمع الدولي عن إيقافها.

وفي وقت استشهد فيه 19 شخصا خلال 24 ساعة نتيجة تفشي الجوع، قال رئيس “شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية” في القطاع أمجد الشوا إن نحو 900 ألف طفل يعانون من درجات متفاوتة من سوء التغذية.

أما مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي فقالت إن نية إسرائيل الوحيدة من وراء سياسة التجويع في غزة هي محو الفلسطينيين من القطاع.

ورغم هذا المشهد المأساوي في غزة، فإن العالم لم يتحرك واكتفى ببيانات تنديد ومطالبات بتسهيل دخول المساعدات من دون ضغط حقيقي، مما سيبقي الوضع على ما هو عليه، وفق الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي.

وفي حديثه لبرنامج “مسار الأحداث”، أعرب البرغوثي عن قناعته بأن الحل يكمن في فرض عقوبات فورية على إسرائيل، فرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية– لا يفهم سوى لغة العقوبات.

ومن دون ذلك “لن يتغير الحال، ولن تتوقف المجزرة الوحشية”، كما أن دولا عربية وإسلامية مطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل وفرض عقوبات عليها، وإلغاء أشكال التطبيع معها.

وإضافة إلى ذلك، فإن المطلوب أيضا إرسال قافلة إنسانية تضم ممثلين عن 57 دولة عربية وإسلامية، “ولن تستطيع إسرائيل قصفها أو منعها”، كما يقول البرغوثي.

غياب الرادع العربي

وكذلك، لم يتوقع أشد المتشائمين أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ستمتد 21 شهرا، بل زادت تل أبيب في “توحشها”، وهو ما أرجعه الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إلى غياب الرادع العربي، مشيرا إلى أنها متفاجئة ومذهولة من الموقف العربي.

وباستطاعة الدول العربية وقف الإبادة “إذا اتخذت موقفا حازما ضد إسرائيل”، حسب مصطفى، الذي قال إن الأخيرة “تجبن عندما يُتخذ موقف واضح ضدها”.

لكن إسرائيل تفاجأت من الموقف العربي بعدما كانت “تحسب حسابا كبيرا لمصر، مثل اندلاع مظاهرات شعبية تضغط على نظامها”، و”إقدام القاهرة على إدخال مساعدات إنسانية رغما عن تل أبيب”.

كما أن الدول العربية باستطاعتها أيضا تخفيض العلاقات مع دول لها علاقات مع إسرائيل.

ومع غياب كل هذه المواقف، تجاوزت إسرائيل خطوطا حمراء، مما منحها فرصة لإبادة الغزيين وتجويعهم، مشبّهًا إياها بـ”النظام النازي عشية الحرب العالمية الثانية”.

المطلوب غربيا

كما لا تبدو دول غربية متحمسة لاتخاذ خطوات تحرم إسرائيل من الأسلحة، التي تدمر غزة والضفة الغربية المحتلة، كما قال النائب المستقل في البرلمان البريطاني جيرمي كوربن.

ووفق كوربن، فإن سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبعض الدول الأوروبية تسمح بذلك، مشيرا إلى أن إسرائيل تتوسع في قصفها بهجومها المتزايد على سوريا ولبنان، إلى جانب غزة والضفة الغربية.

واستهجن الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني مواقف دول غربية تعرب عن قلقها بشأن إبادة غزة، في وقت تسمح بوصول قطع عسكرية وأجزاء طائرات إلى إسرائيل، التي تبدو عازمة على “إفراغ غزة من سكانها مثل الحال أيضا في أجزاء من سوريا ولبنان”.

وشدد على ضرورة ممارسة ضغط شعبي على الحكومات الغربية لـ”إجبارها على وقف بيع السلاح ومد يد العون لإسرائيل”.

وفي إطار ردود الأفعال الدولية، دعت بريطانيا و25 دولة أخرى إلى إنهاء الحرب في غزة فورا، وقالت إن نموذج الحكومة الإسرائيلية في إيصال المساعدات خطير، ويؤجج عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية.

وطالب البيان الحكومة الإسرائيلية برفع القيود المفروضة على تدفق المساعدات فورا، وتمكين الأمم المتحدة والمنظمات للقيام بعملها.

وبعيدا عن موقف الدول الغربية، فإن العالم وصل -وفق كوربن- إلى نقطة تحول من ناحية ذروة الدعم الشعبي والتاريخي للقضية الفلسطينية، في حين يغيب الموقف العربي، وتستمر بعض دوله في علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إسرائيل.

شاركها.
اترك تعليقاً