عندما يقرر السائق شراء سيارة مستعملة تعمل بالبنزين أو الديزل، فإن تقييم الحالة يعتمد عادة على المؤشرات التقليدية: قراءة عداد الكيلومترات، فحص أي تسريب للزيت، التأكد من سلامة سير التوقيت، والاستماع لأصوات المحرك. أما في السيارات الكهربائية، فالصورة مختلفة تماما، فلا وجود لصوت الصمامات ولا لمشكلات القابض، بل تتحول بطارية السيارة الكهربائية إلى العنصر الأهم -والأغلى- في عملية التقييم. فمع تزايد شعبية السيارات الكهربائية، أصبح فهم كيفية تقييم حالة البطارية أمرًا بالغ الأهمية للمشترين والبائعين على حد سواء.

البطارية أولاً.. ما أهمية “حالة البطارية”؟

تكمن المشكلة الأساسية في أن سلامة بطارية السيارة الكهربائية لا يمكن تحديدها بالنظر أو بالاستماع، إذ تظل كتلة مغلقة لا تكشف عن حالتها الحقيقية. ومن هنا تأتي أهمية ما يُعرف بفحص حالة البطارية (State of Health-SoH)، وهو المؤشر الأهم لتقييم هذا المكوّن الذي يمثل الجزء الأكبر من قيمة السيارة. يعتبر فحص حالة البطارية بمثابة “صورة صحية” للبطارية، تكشف عن قدرتها الحالية على تخزين الطاقة مقارنة بقدرتها الأصلية.

ويقول خبير السيارات الكهربائية في نادي السيارات الألماني ماتياس فوغت إن “فحص حالة البطارية يشير إلى الحالة الفعلية للبطارية كنسبة مئوية. فإذا كانت 100% فهذا يعني أنها قادرة على تخزين الطاقة كما كانت يوم خروج السيارة من المصنع”. مع انخفاض قيمة حالة البطارية، يتراجع مدى السير الممكن بشحنة واحدة، مما ينعكس مباشرة على القيمة السوقية للسيارة. لذلك، فإن فهم كيفية تقييم عمر بطارية السيارة الكهربائية أمر ضروري لاتخاذ قرار شراء مستنير.

كيف تُقاس حالة البطارية؟

يعتمد تقييم فحص حالة البطارية على معيارين رئيسيين:

  • سعة البطارية: أي كمية الطاقة القابلة للتخزين.
  • المقاومة الداخلية: وهي التي تشير إلى مقدار فقدان الطاقة داخل الخلايا.

لكن المشكلة، وفقا لفوغت، أن شركات السيارات لا تعتمد معيارا موحدا لاحتساب الحالة، مما يجعل المقارنات بين الطرازات والشركات صعبة، ويصعّب على المشتري النهائي فهم القيمة الحقيقية لبطارية السيارة المستعملة. هذا التباين في المعايير يجعل الحصول على تقييم موحد لـ بطاريات السيارات الكهربائية المستعملة تحديًا.

3 طرق لقياس حالة البطارية

حاليا تُستخدم 3 طرق أساسية لقياس حالة البطارية:

  • تحليل الطاقة (Energy Analysis): يتم شحن البطارية بالكامل ثم قيادة السيارة حتى تكاد تفرغ شحنتها، ليجري احتساب مقدار الطاقة المتاحة فعليا. وتعتمد شركات متخصصة على خوارزميات معقدة للحصول على القيمة الدقيقة.
  • قياس المقاومة الداخلية: تُجرى العملية عبر تسارع قصير للسيارة. ارتفاع المقاومة يعني فقدانا أكبر للجهد وارتفاعا في درجة الحرارة، مما يشير إلى تراجع السعة.
  • الاستقراء عبر نظام إدارة البطارية (BMS): توفر بعض الشركات قراءة مباشرة لحالة البطارية عبر النظام الداخلي للسيارة، لكن فوغت يرى أنها الطريقة الأقل موثوقية لأنها تعتمد على تقديرات النظام وليس على قياسات فعلية.

أين يمكن إجراء الفحص؟

تتوفر اختبارات فحص حالة البطارية في ورش الإصلاح، وهيئات الفحص، ونوادي السيارات. وتختلف التكلفة حسب نوع الاختبار، فإما اختبارات سريعة تُجرى والسيارة متوقفة، أو اختبارات متقدمة قد تستغرق عدة ساعات أو أيام، وتُجرى أثناء تشغيل السيارة. تعتمد هيئة الفحص الألمانية بشكل أساسي على قياس المقاومة الداخلية. ويقول ميشيل تزياتزيوس من الهيئة “نُجري الفحص عبر تحميل البطارية أثناء تسارع لمسافة 100 متر تقريبا، ثم نقارن البيانات مع قواعد بيانات سحابية خاصة بكل طراز”.

كما تطوّر هيئة الفحص طريقة ثانية تعتمد على شحن البطارية لفترة وجيزة. أما شركة “آفيلو” النمساوية، المتخصصة في تشخيص البطاريات، فتعتمد على تحليل الطاقة بشكل أساسي، مع أخذ المقاومة الداخلية في الاعتبار للتعويض عن تأثيرات الحرارة والبرودة وأسلوب القيادة. وتوفر الشركة اختبارين، أحدهما سريع خلال 3 دقائق، واختبار آخر مميز أكثر دقة على مستوى الخلية.

كيف تتقادم البطاريات؟

بحسب باتريك شابوس من “آفيلو”، فإن أبرز ما يُسرع تقادم البطارية هو:

  • الشحن السريع المتكرر.
  • التسارع الشديد عندما تكون البطارية باردة أو فوق حرارة التشغيل.

ويؤكد شابوس أن اختبارات الفحص تقدم “إشارات مبكرة” لحالة البطارية، وتساعد مالك السيارة على تجنب تكاليف إصلاح عالية، خصوصا إذا كانت المشكلة في خلية واحدة يمكن موازنتها بدل استبدال البطارية كاملة. فهم عوامل تقادم بطارية الليثيوم أيون يساعد في إطالة عمرها الافتراضي.

ما هي القيم المقبولة؟

يوضح تزياتزيوس أن القيم المقبولة لحالة البطارية هي:

  • %80 إلى 100%: حالة ممتازة.
  • %75: لا تزال جيدة، مع تراجع نسبي في مدى السير، لكنها تبقى مناسبة تماما للاستخدام في المدن.

أما خبير السيارات الكهربائية فوغت، فيضيف أن “اختبار الحالة يصبح مهما جدا في السيارات الكهربائية التي تجاوزت 7 أو 8 سنوات، لأن الضمان يكون قد انتهى لدى معظم الشركات”. كما يفيد هذا الفحص كلا من المشتري لتجنب بطارية تالفة، والبائع للحصول على سعر عادل، والمالك طويل الأجل للكشف المبكر عن أي مشكلات.

هل تراجع حالة البطارية مقلق؟

ليس بالضرورة. فتراجع حالة البطارية لا يعني نهاية عمر السيارة، لكنه مؤشر يجب أخذه بجدية. وإذا حدث انخفاض مفاجئ في مدى السير، فإن اختبار الحالة قد يكشف السبب ويوضح إن كانت المشكلة قابلة للإصلاح. يختتم شابوس “حتى خلية واحدة ضعيفة قد تؤثر على البطارية بالكامل. لذلك يساعد التحليل التفصيلي على تحديد العطل بدقة وتفادي استبدال البطارية كاملة دون داع”. التقييم الدقيق لـ حالة بطارية السيارة الكهربائية يضمن الحصول على أفضل قيمة مقابل المال.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version