بقلم: يورونيوز
نشرت في
كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، عن خطة لإعادة تجميع سكان قطاع غزة بأكملهم في مخيم جديد يُقام على أنقاض مدينة رفح، في مشروع وُصف من قبل خبراء قانونيين وأكاديميين بأنه “مخطط ممنهج لجريمة ضد الإنسانية”، بحسب ما نقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية.
ووفقًا لما أوردته صحيفة “هآرتس”، قال كاتس إنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي للبدء في التحضير لإنشاء ما أسماه “مدينة إنسانية” في موقع مدينة رفح المدمّرة. وأوضح خلال إحاطة صحافية للصحفيين الإسرائيليين أن الفلسطينيين سيخضعون لفحوصات أمنية قبل دخول الموقع، ولن يُسمح لهم بمغادرته بعد ذلك.
وبحسب الخطة، ستفرض القوات الإسرائيلية سيطرتها على محيط المخيم، وسيتم في البداية نقل نحو 600 ألف فلسطيني إليه، معظمهم من النازحين حاليًا في منطقة المواصي. وفي مراحل لاحقة، سيتم نقل سكان قطاع غزة بالكامل إلى هذا الموقع، تمهيدًا لتنفيذ ما سماه كاتس بـ”خطة الهجرة، التي ستتحقق”، حسب قوله.
وصرّح كاتس أن العمل على “المدينة الإنسانية” قد يبدأ خلال فترة وقف إطلاق نار محتمل، مشيرًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى إيجاد دول تقبل “استيعاب” الفلسطينيين، في إطار ما وصفه بمنحهم “مستقبلًا أفضل”.
ومن البيت الأبيض، قال نتنياهو إن إسرائيل والولايات المتحدة تتعاونان مع دول أخرى لتحقيق هذا الهدف، مضيفًا: “من يريد البقاء يمكنه البقاء، ومن يرغب بالمغادرة يجب أن يُسمح له بالمغادرة”، وذلك قبيل مأدبة عشاء جمعته بترامب.
وقد أثارت الخطة انتقادات واسعة من حقوقيين إسرائيليين، من بينهم المحامي مايكل سفارد، الذي وصفها بأنها “خطة عملياتية لارتكاب جريمة ضد الإنسانية”، مضيفًا: “إنها خطة لترحيل السكان إلى أقصى جنوب قطاع غزة تمهيدًا لطردهم خارج القطاع”.
وأوضح سفارد أن سكان غزة “يعيشون تحت ضغوط شديدة، ولا يمكن اعتبار مغادرتهم بأنها تمت بمحض إرادتهم”. ولفت إلى أن “طرد السكان من موطنهم يُعد جريمة حرب في سياق نزاع، وإذا جرى على نطاق واسع، فإنه يرتقي إلى جريمة ضد الإنسانية”.
تأتي هذه التصريحات لتناقض رسائل سابقة صدرت عن مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زمير، الذي أكد في رسالة رسمية أن عمليات الجيش لا تستهدف تهجير السكان أو تركيزهم في بقعة واحدة من القطاع. لكن تصريحات كاتس، وفقًا للمؤرخ الإسرائيلي وأستاذ دراسات الهولوكوست بجامعة القدس العبرية، البروفيسور آموس غولدبرغ، “تنسف هذه الرواية تمامًا”.
وقال غولدبرغ إن خطة كاتس تمثل “تصورًا واضحًا لتطهير عرقي” يشمل إنشاء “معسكر احتجاز أو عبور تمهيدًا لطرد الفلسطينيين”. وأضاف: “ما يُطلق عليه مدينة إنسانية ليس مدينة بالمعنى الفعلي، فالمدينة هي مكان تتوفر فيه فرص العمل، والتعليم، والخدمات، والحركة الحرة، وهذا غير متحقق هنا”.
وأكد أن الخطة، إذا نُفذت، “لن تُنتج مكانًا قابلًا للحياة”، مشيرًا إلى أن المناطق التي تم إعلانها سابقًا كمناطق آمنة “ليست صالحة للسكن، وهذا النموذج الجديد لن يكون مختلفًا”.
كما أثار غولدبرغ تساؤلات بشأن مصير من يرفضون الامتثال للخطة، قائلاً: “ماذا سيحدث إذا رفض الفلسطينيون هذا الحل وقرروا المقاومة؟ فهم ليسوا تماما بلا حول أو قوة”.
في السياق، كانت وكالة “رويترز” قد نقلت أن خطة مشابهة سبق أن قُدمت لإدارة ترامب، تقترح إقامة “مناطق عبور إنسانية” داخل غزة وربما خارجها، تحت إشراف جهة تحمل اسم “مؤسسة غزة الإنسانية”. وقدّر التقرير تكلفة المشروع بملياري دولار. لكن المؤسسة الأميركية نفت مسؤوليتها عن الخطة، وأكدت أن الوثائق التي اطلعت عليها “رويترز” “لا تمثل وثائق رسمية صادرة عنها”.
وفي وقت سابق من هذا العام، تقدّم ثلاثة جنود احتياط في الجيش الإسرائيلي، عبر المحامي سفارد، بدعوى قضائية تطالب بإلغاء أوامر عسكرية أصدرتها القيادة تطالب بـ”تحريك السكان المدنيين” في غزة، ووقف أي خطوات تتعلق بترحيلهم خارج القطاع.