في الذكرى الخامسة لتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يبرز تقييم المحامي خالد الفتاوي كصوت مهم يعكس عمق هذه الشراكة وتأثيرها الإيجابي على كلا البلدين، وعلى القارة الأفريقية بشكل أوسع. يركز هذا المقال على رؤى الفتاوي حول العلاقات المغربية الإسرائيلية، مع تسليط الضوء على الجوانب الاقتصادية والتراثية والسياسية التي تميزها.
خمس سنوات من التطبيع: شراكة متينة رغم التحديات
أكد المحامي خالد الفتاوي، في حديث لموقع “واي نت” العبري، على “متانة الشراكة” بين المغرب وإسرائيل، مشيراً إلى قدرتها على الصمود والتطور على الرغم من التحديات الإقليمية المتزايدة. لم ير الفتاوي اتفاقية التطبيع، التي وُقعت في ديسمبر 2020، كبداية جديدة للعلاقات، بل كتتويج لمسار طويل من الروابط القائمة، وإن كانت غير رسمية في السابق. هذا التوضيح مهم لفهم السياق التاريخي لهذه العلاقة، التي تعود جذورها إلى عقود مضت.
تعزيز النمو الاقتصادي والتعاون الأفريقي
أشار الفتاوي إلى أن اتفاق التطبيع ساهم بشكل كبير في تعزيز مكانة المغرب الدولية، وخاصة في المجالات الاقتصادية. شهدت قطاعات حيوية مثل السياحة والحرف اليدوية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا نمواً ملحوظاً منذ ذلك الحين. التعاون الاقتصادي بين البلدين، وخاصة في مشاريع الطاقة الشمسية والابتكار، يحظى بدعم كبير ويعد بمستقبل واعد.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الفتاوي أن المغرب وإسرائيل يمكن أن يلعبا دوراً محورياً في التنمية الإقليمية، لا سيما في منطقة الساحل الأفريقي. الفرص المتاحة للشركات الإسرائيلية في مشاريع البنية التحتية والموانئ والطرق، إلى جانب التعاون في مجال التكنولوجيا وخلق فرص العمل، يمكن أن تساهم في تحقيق الاستقرار والتقدم في هذه المنطقة الحيوية.
الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا
يشكل قطاع الطاقة المتجددة محوراً هاماً للتعاون بين المغرب وإسرائيل. المغرب، بفضل موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية، يطمح إلى أن يصبح رائداً في مجال الطاقة الشمسية، بينما تمتلك إسرائيل خبرات متقدمة في مجال التكنولوجيا والابتكار في هذا القطاع. هذا التكامل يفتح آفاقاً واسعة لمشاريع مشتركة تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
حماية التراث اليهودي: جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية
شدد الفتاوي على أن اليهود “جزء لا يتجزأ من الهوية والمجتمع المغربي”، مؤكداً أنهم ليسوا مجرد جالية، بل “مغاربة” أصيلين. هذا التصريح يعكس التقدير العميق الذي يحظى به اليهود المغاربة في بلدهم الأم، ويؤكد على أهمية الحفاظ على تراثهم وثقافتهم.
تولي الدولة المغربية اهتماماً خاصاً بحماية وترميم المواقع التراثية اليهودية، مثل المعابد والمقابر. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطط طموحة لإنشاء متحف كبير في مناطق ذات حضور يهودي طويل، بهدف توثيق تاريخ هذه الجالية الغنية وإبراز مساهماتها في بناء المغرب الحديث. هذا الجهد يعكس التزام المغرب بالحفاظ على التنوع الثقافي والتعايش الديني.
الجالية اليهودية المغربية: جسر حي بين البلدين
يرى الفتاوي أن اليهود المغاربة المقيمين في إسرائيل يشكلون “جسرًا حيًا” بين البلدين، وأن هويتهم المشتركة تعزز العلاقات الثنائية. هذا الجسر الإنساني والثقافي يساهم في بناء الثقة والتفاهم المتبادل، ويفتح الباب أمام المزيد من التعاون في مختلف المجالات.
كما أوضح أن فكرة هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل في ظل الظروف الراهنة ليست مطروحة، مؤكداً على أن “لا وجود لفصل بين البلدين”. بل يرى أن زيارة إسرائيل بالنسبة لليهود المغاربة هي بمثابة “العودة إلى الوطن”، تماماً كما يعتبرون المغرب وطنهم.
مستقبل العلاقات: تجاوز التحديات نحو مزيد من التعاون
على الرغم من وجود احتجاجات شعبية ضد التطبيع، خاصة في ظل الأحداث الجارية في غزة، يرى الفتاوي أن هذه الأصوات لا تعكس موقف الشعب المغربي ككل. ويؤكد أن المغاربة ما زالوا يرحبون بالإسرائيليين، معرباً عن أمله في استئناف الرحلات المباشرة بين البلدين قريباً. التطبيع المغربي الإسرائيلي يواجه تحديات، لكنه يظل مساراً واعداً نحو السلام والاستقرار في المنطقة.
ختم الفتاوي حديثه بالتأكيد على أن العلاقة مع إسرائيل تمثل نموذجاً للتعايش والتسامح يمكن أن يكون قدوة يحتذى بها على نطاق أوسع. هذا النموذج يعكس قيم الانفتاح والتعددية التي يتبناها المغرب، ويؤكد على إيمانه بأهمية الحوار والتعاون في بناء مستقبل أفضل للجميع. إن استمرار هذه الشراكة، وتجاوز العقبات، سيعزز من مكانة المغرب كقوة إقليمية فاعلة ومساهم رئيسي في تحقيق السلام والازدهار في أفريقيا والشرق الأوسط.


