العفو عن بوعلام صنصال: بوادر تحسن في العلاقات الجزائرية الفرنسية
أصدرت الجزائر قرارًا مفاجئًا بالعفو عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، بعد عام من توقيفه، استجابة لطلب من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير. جاء هذا القرار في إطار جهود دبلوماسية مكثفة تهدف إلى تحسين العلاقات بين الجزائر وفرنسا، بعد توترات شهدتها العلاقات بين البلدين في الأشهر الأخيرة.
خلفية التوقيف والحكم
كان بوعلام صنصال، البالغ من العمر 76 عامًا، قد أوقف في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 لدى وصوله إلى مطار الجزائر قادمًا من فرنسا. وفي تموز/يوليو الماضي، أيدت محكمة جزائرية حكمًا بسجنه خمس سنوات بعد إدانته بتهم شملت “المساس بوحدة الوطن” و”إهانة هيئة نظامية” و”نشر أخبار كاذبة تمس الأمن العام”، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 500 ألف دينار (نحو 3600 دولار). وقد وجهت إليه أيضًا تهم تتعلق بـ”حيازة وعرض منشورات وفيديوهات تمس الوحدة الوطنية”. خلال محاكمته، أنكر صنصال جميع التهم، مؤكدًا أن تصريحاته “آراء شخصية تدخل في إطار حرية الرأي والتعبير”.
تداعيات دبلوماسية
أثار توقيف الكاتب أزمة بين الجزائر وفرنسا، بعد أن اعتبرت الجزائر مطالبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالإفراج عنه “تدخلاً سافرًا في شؤونها الداخلية”. وتزامنت القضية مع توترات بين البلدين حول ملفات الهجرة والعلاقات مع المغرب والنزاع في الصحراء الغربية. ومع ذلك، بدأت تظهر مؤخرًا إشارات جزائرية تشير إلى استعدادها لاستئناف الحوار مع باريس.
استئناف الحوار بين الجزائر وفرنسا
كشف رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، نيكولا ليرنر، يوم الأثنين 10 تشرين الثاني/نوفمبر أن باريس تلقت مؤشرات من الجزائر تفيد باستعدادها لاستئناف الحوار بعد أكثر من عام على أزمة دبلوماسية غير مسبوقة شملت انهيار التعاون الأمني واعتقال مواطنين فرنسيين وطرد دبلوماسيين. وأوضح ليرنر أن الإشارات “علنية وغير علنية”، مؤكدًا أن فرنسا “مستعدة للحوار” لكنها تشترط الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال والصحافي كريستوف غليز.
العفو عن صنصال: خطوة نحو تحسين العلاقات
جاء العفو عن بوعلام صنصال استجابة لطلب من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي أرسل رسالة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل يومين من القرار. وقد رحبت فرنسا بالقرار، حيث عبّر رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو عن ارتياح حكومته لإعلان الجزائر العفو عن صنصال. وقال أمام أعضاء البرلمان إن الحكومة الفرنسية “ترحب بقرار السلطات الجزائرية”، مضيفًا أنه يأمل أن يتمكن الكاتب من “الانضمام إلى عائلته في أقرب وقت ممكن وتلقّي الرعاية التي يحتاجها”. كما ستتكفل ألمانيا بنقل الكاتب إلى أراضيها لتلقي العلاج، مما يعكس التعاون الوثيق بين الجزائر وألمانيا في هذا الملف.
خاتمة
يمثل العفو عن بوعلام صنصال خطوة هامة نحو تحسين العلاقات بين الجزائر وفرنسا. ومع استئناف الحوار بين البلدين، يأمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى تعزيز التعاون الثنائي ومعالجة القضايا العالقة. إن هذا التطور يعكس الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها الأطراف المعنية لتحقيق استقرار وتفاهم أكبر في المنطقة. ومع استمرار الجهود، يبقى الأمل قائمًا في أن تشهد العلاقات بين الجزائر وفرنسا تحسنًا ملحوظًا في الفترة المقبلة.


