بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

أعلنت مواقع إخبارية إيرانية، اليوم السبت، إلقاء القبض على خمسة أشخاص في مدينة يزد وسط البلاد، بتهمة تصوير مواقع “حساسة” والتعاون مع إسرائيل. ووفق بيان صادر عن مكتب النائب العام في المحافظة، فإن المتهمين “أثاروا قلق الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

هذه الاعتقالات تأتي في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية الواسعة التي طالت منشآت عسكرية ونووية داخل إيران فجر الجمعة، والتي تشير تقارير متعددة إلى أن جزءًا كبيرًا من نجاحها يعود إلى نشاط استخباراتي داخلي كثيف، نفذته خلايا مرتبطة بجهاز الموساد الإسرائيلي.

صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت، نقلاً عن مصادر أمنية رفيعة، أن جهاز الموساد كان قد أنشأ قاعدة عمليات داخل إيران قبل الضربة، تضم طائرات مسيّرة مفخخة تم تهريبها وتخزينها في الداخل الإيراني، بانتظار لحظة التفعيل. كما نُقل عن المصادر أن عملاء ميدانيين تعاونوا في زرع معدات هجومية قرب مواقع الدفاع الجوي الإيراني، تم تشغيلها لحظة بدء الهجوم، ما ساعد على تحييد أنظمة الردع الإيرانية.

الاختراق لم يكن وليد اللحظة. تقارير واشنطن بوست أشارت إلى أن الموساد نفذ، خلال الأشهر الماضية، سلسلة عمليات تهريب للطائرات المسيّرة وأنظمة السلاح عبر شبكات تهريب معقدة، ما مهد لإنشاء “بنية تحتية عملياتية” داخل إيران، تُدار عن بُعد أو عبر وكلاء محليين.

وفي موازاة هذه التطورات، تواجه إيران تصاعدًا في حوادث التجسس المرتبطة بإسرائيل، تُقابل غالبًا بإعدامات سريعة، في محاولة لاحتواء حالة الانكشاف الأمني المتكرر. غير أن هذه الإجراءات لم تنجح، كما يبدو، في وقف تمدد الموساد داخل العمق الإيراني.

ويشير خبراء إلى أن طبيعة الضربة الأخيرة تكشف عن “تنسيق داخلي-خارجي” عالي المستوى، يعتمد على عناصر محلية زرعها جهاز الموساد على مدى سنوات، ويُرجّح أنهم ينشطون ضمن شبكات صغيرة ومستقلة، ما يصعّب مهمة تعقبهم. كما أن استخدام معدات دقيقة وتقنيات متطورة، وظهور مقاطع فيديو لعمليات تركيب أسلحة في مناطق نائية داخل إيران، يعزز فرضية أن الهجوم اعتمد على “بنية أمنية موازية” أنشئت داخل البلاد دون رصد.

ويستند هذا النهج إلى استراتيجية رسمها رئيس الموساد الأسبق مئير داغان، وفق ما ذكره الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان في كتابه “التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل”، إذ وضع داغان إيران –وخاصة برنامجها النووي– على رأس أولويات الجهاز، من خلال عمليات اغتيال، وتخريب، واختراقات داخلية، ودعم مجموعات معارضة لإضعاف القبضة الأمنية للنظام الإيراني.

اليوم، ومع تكرار العمليات الإسرائيلية الدقيقة داخل الأراضي الإيرانية، يتزايد الجدل داخل إيران حول مدى هشاشة المنظومة الأمنية، وقدرة الأجهزة الاستخباراتية على احتواء تغلغل “العدو” في الداخل. فنجاح أي ضربة جوية يتطلب معلومات ميدانية لا يمكن توفيرها إلا من أرض المعركة نفسها، وهي معلومة بات من المؤكد أن إسرائيل حصلت عليها من قلب إيران.

وفيما تمضي طهران في حملات اعتقال وإعدامات متلاحقة بحق من تسميهم “العملاء”، يبدو أن التهديد الأكبر لم يأتِ من السماء، بل من الأرض التي يفترض أنها تحت سيطرتها.

باختصار، لعب الداخل الإيراني دور “المسرح الخلفي” الذي بُني عليه نجاح العملية: من التخزين، إلى التوجيه، إلى التحييد الإلكتروني، كل ذلك تم بجهد شبكات متغلغلة في النسيج الأمني الإيراني، الأمر الذي يكشف ليس فقط حجم الاختراق، بل عمق الأزمة التي تواجهها أجهزة الأمن الإيرانية في احتواء هذا النزيف الاستخباراتي المتكرر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version