بقلم: يورونيوز
نشرت في
تعرضت الخرطوم وعطبرة لسلسلة انفجارات وهجمات بطائرات مسيرة اليوم الجمعة، في تطور مباشر يتناقض مع إعلان قوات الدعم السريع قبل أقل من 24 ساعة موافقتها على وقف إطلاق النار الإنساني المقترح من قبل الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر.
وأكد شهود من أحياء الخرطوم الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني لـ”وكالة فرانس برس” أن الانفجارات، التي رُصدت بالقرب من قاعدة وادي سيدنا العسكرية ومحطة المرخيات للطاقة، تزامنت مع تحليق مكثف لطائرات مسيرة، وأسفرت عن انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة.
وفي عطبرة، الواقعة على بعد نحو 300 كيلومتر شمال العاصمة، أفاد سكان بأن دفاعات جوية أسقطت مسيّرات فوق المدينة، لكن ذلك لم يمنع نشوب حرائق وأصوات انفجارات في الجهة الشرقية.
ولم تصدر أي تصريحات من قوات الدعم السريع أو الجيش حول هذه الهجمات ونتائجها.
البيت الأبيض: واشنطن “منخرطة بنشاط” في جهود التوصل إلى اتفاق
وكان البيت الأبيض أكد في وقت سابق أن الولايات المتحدة “منخرطة بنشاط” في السعي للتوصل إلى اتفاق سلام في السودان، بالتعاون مع مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وكانت الدول الأربع قد طرحت مقترحاً في سبتمبر/أيلول الماضي يشمل وقفاً لإطلاق النار لأسباب إنسانية، على أن يعقبه وقف دائم لإطلاق النار والانتقال إلى الحكم المدني.
وبحسب مصدر سعودي نقلت عنه وكالة “فرنس برس”، أن المقترح وقف إطلاق النار ينص على هدنة تمتد ثلاثة أشهر، تُستخدم خلالها لتشجيع الطرفين على بدء محادثات مباشرة في جدة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم.
وقد رفضت الحكومة السودانية حينها ‘التدخل الأجنبي’، وكذلك أي مساواة بينها وبين قوات الدعم السريع، التي وصفتها بـ’ميليشيا إرهابية عنصرية تعتمد على مرتزقة أجانب.
الدعم السريع تعلن الهدنة بعد السيطرة على الفاشر
وكانت قوات الدعم السريع، أعلنت في وقت سابق من الخميس، موافقتها على مقترح وقف إطلاق النار الإنساني، بعد أيام من سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر، آخر معقل رئيسي للجيش في إقليم دارفور.
ومنذ سقوط الفاشر قبل أقل من أسبوعين، تحدثت تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي ونهب واسع النطاق — اتهامات نفتها الجماعة شبه العسكرية.
وقال كاميرون هدسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لوكالة “فرانس برس”: “هدفها الوحيد هو صرف الانتباه عن الفظائع التي ترتكبها حاليا في الفاشر وتقديم نفسها على أنها تتحلى بالمسؤولية أكثر من الجيش”.
وأضاف: “قوات الدعم السريع، بعد أن سيطرت الآن على كل دارفور، لديها حافز لمحاولة إدخال الغذاء والمساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولكن الجيش لديه حافز لعدم السماح لها بتعزيز مكاسبها”.
الحكومة السودانية ترفض التسريع بقبول الهدنة
من جهتها، رفضت الحكومة السودانية، التي يقودها الجيش، تبني مقترح وقف إطلاق النار، واعتبرته غير موثوق بسبب سجل قوات الدعم السريع في انتهاك الهدنات السابقة.
وقال سفير السودان لدى جنوب أفريقيا، عثمان أبو فاطمة آدم محمد، خلال مؤتمر صحفي الجمعة: “من تجربتنا، كانت لدينا هدنات كثيرة في بداية الحرب، ولكن في كل مرة لم يكن هناك أي احترام من قبل قوات الدعم السريع. إنهم يستخدمون هذه الهدنات للانتقال إلى مناطق جديدة والقيام بتحركات ضد الحكومة”.
وأضاف السفير أن حضور الإمارات في أي مفاوضات بشأن السودان “غير مقبول”، مكرراً اتهام الحكومة لها بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والمقاتلين الأجانب — اتهامات نفتها أبوظبي مراراً.
قصف مستشفى في الدلنج وتصاعد أزمة المجاعة
وفي جنوب كردفان، أفادت نقابة أطباء السودان بأن قوات الدعم السريع قصفت مستشفى الدلنج التعليمي صباح الخميس، مما أدى إلى تدمير قسم الأشعة والتصوير الطبي وإصابة عدد من المرضى والعاملين.
وتقع الدلنج على بعد 150 كيلومتراً جنوب غرب مدينة الأبيض، وهي مفترق طرق استراتيجي يربط دارفور بالخرطوم، وتُحاصر منذ يونيو 2023.
وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أصبحت الدلنج معرضة لخطر المجاعة، بينما تواجه عاصمة الولاية كادوقلي خطر المجاعة بالفعل.
تقاسم النفوذ
ويسيطر الجيش السوداني حالياً على المناطق الشمالية والشرقية والوسطى، على طول نهر النيل والبحر الأحمر، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على دارفور بأكمله — بما في ذلك عواصم ولاياته الخمس — وأجزاء من جنوب السودان.
وتشهد مناطق مثل كردفان، الغنية بالنفط، تصعيداً عسكرياً، مع تقارير عن تقدم للدعم السريع نحو مدينة الأبيض، وهو ما يثير مخاوف من توسيع نطاق الصراع.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في أبريل 2023.
وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 150 ألف شخص، وإجبار 12 مليوناً على النزوح، وفق تقديرات الأمم المتحدة.


