بقلم: يورونيوز
نشرت في
أفاد تقرير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” بارتفاع حاد في أعمال العنف ضد سائقي الحافلات العرب في القدس، حيث سُجّلت ما لا يقل عن 12 هجمة خلال الأسبوع الماضي وحده.
ويؤكد التقرير أن هذه الظاهرة، وإن لم تكن جديدة، إلا أنها تزايدت بشكل ملحوظ هذا العام، وقد كان الأسبوع الماضي “الأكثر عنفاً”.
وشملت الهجمات تحطيم نوافذ الحافلات، ورش غاز الفلفل، واعتداءات بالضرب على السائقين ومفتشي التذاكر والركاب، ما أدى إلى نقل عدد منهم إلى المستشفيات.
وتنقل الصحيفة العبرية عن محمد أبو زينة، أحد ضحايا الهجمات الأخيرة، قوله إنه “لم يعد يشعر بالأمان أثناء توجهه إلى العمل”، بعد أن تعرّض لإصابة يوم الخميس الماضي على يد مجموعة من الشبان الحريديم خلال تظاهرة ضد التجنيد الإلزامي.
ويشرح أبو زينة: “جاؤوا إلى الحافلة وبدأوا يشتِمونني وينادونني بـ ‘الإرهابي’ ويبصقون عليّ”. وتابع السائق، الذي يقود حافلة لشركة “إكسترا”، أنه كان يشعر بعدم الأمن من قبل، “لكن ما حدث هذه المرة كان مختلفاً في حدته”.
ويضيف أنه علق في الازدحام لنحو ساعة، حين بدأ عدد من الفتية يطرقون نوافذ الحافلة ويرشقونها بالأشياء. ووصف حالته قائلاً: “تكون عالقاً، لا تستطيع التقدم أو التراجع، ثم يهاجمون الحافلة، ولا أحد يأتي لمساعدتك”.
ولاحظ أبو زينة وجود سائق حافلة يهودي من شركة “إيغد” في المكان ذاته، تعرضت حافلته للتخريب أيضاً، “لكن المحتجين لم يعتدوا عليه جسدياً”.
ووفقاً للصحيفة، صور أبو زينة مقطع فيديو يظهر عشرات المحتجين من المتدينين اليهود المتشددين وهم يحيطون بحافلته، بينما كان يكرر بصوت مرتفع: “تحركوا، تحركوا”، لكن من دون جدوى، فيما كان الحشد يصرخ ويرشق الحافلة بالحجارة.
وبحسب الفلسطيني “صعد المهاجمون إلى الحافلة، أخذوا مطفأة الحريق واستعملوها ضدي”، ثم هاجموه مباشرة وأغلقوا باب المقصورة على ساقه ما تسبب في إصابته.
وبحسب روايته، تدخل رجل حريدي مسن طالباً من الشبان مغادرة الحافلة وترك السائق وشأنه. ونُقل أبو زينة بعدها بسيارة إسعاف إلى مستشفى هداسا في جبل الصوانة أو المشارف.
وبعد وقت قصير من هذا الحادث، تعرض سائق آخر من شركة “إكسترا” لهجوم مماثل، حيث حطم محتجون نوافذ حافلته بالقرب من مدخل القدس تحت جسر الأوتار، خلال تظاهرة أخرى للحريديم.
من جانبها، لم توضح الشرطة ما إذا كانت قد اعتقلت المهاجمين في هذه الحوادث بالذات، لكنها أشارت إلى أنها ألقت القبض على مراهقين من القدس الشرقية لقيامهما برشق حافلة بالحجارة في حي النبي يعقوب.
وأكدت الشرطة في بيان أنها “تتصرف بحزم ضد أي حادث عنف، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بسائقي الحافلات أو موظفي القطاع العام”، مشيرة إلى أنها “تفتح تحقيقاً في كل بلاغ وتعمد إلى تحديد هوية المشتبه بهم وتقديمهم للعدالة”، وأن “بعض هذه القضايا أسفر عن اعتقالات ولوائح اتهام”.
استهداف عنصري أم عنف عام؟
ورغم أن مسؤولي شركات النقل ونقابات السائقين يقولون إنه “لا يوجد دليل قاطع على أن المهاجمين يستهدفون العرب تحديداً”، إلا أن السائقين أنفسهم يؤكدون أن “كثيراً من الهجمات بدوافع عنصرية صريحة”.
ويستشهد التقرير بشهادة أبو زينة وسائقين آخرين أكدوا أن المهاجمين وصفوهم بـ”الإرهابيين”. كما لوحظ أن الاعتداءات تتصاعد بعد مباريات فريق “بيتار القدس”، حيث يهاجم المشجعون السائقين وهم يهتفون “الموت للعرب”.
حوادث متكررة
يوم الإثنين، بعد خسارة الفريق، أغلق المشجعون طريق إحدى حافلات “سوبر باص” وألقوا قنبلة مضيئة أمامها وحطموا نوافذها مرددين الهتافات العنصرية، ثم اعتدوا على السائق ومفتش التذاكر.
وفي حادث آخر بنفس اليوم، تعرض سائق ومفتشو تذاكر لرش غاز الفلفل بعد تغريم إحدى الراكبات لعدم دفعها الأجرة، ما أدى إلى إصابة عدد من الركاب. وكانت تلك واحدة من أربع حوادث مشابهة خلال 24 ساعة فقط.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن السائق رياض الحسيني أنه استقال من عمله في اليوم التالي لهجوم تعرض له، قائلاً: “لا أريد أن أذهب إلى العمل وأنا لا أعلم إن كنت سأعود أم لا”.
يذكر أن اتحاد “قوة للعمال”، الذي يمثل سائقي شركة “سوبر باص”، كان قد حذر منذ الصيف الماضي من تصاعد الاعتداءات على العاملين في قطاع النقل، مشيراً إلى أن “معدل الهجمات كان يقدر بمرتين أسبوعياً، لكنه ازداد بشكل كبير في الآونة الأخيرة”.
“مشكلة مجتمعية خطيرة”
من جهته، قال إسراييل غانون، رئيس نقابة سائقي الحافلات، إن “معظم أعمال العنف تتركز في القدس“، ويلفت إلى أن “معظم المهاجمين ليسوا من المجرمين أو المنبوذين اجتماعياً، بل ينتمون إلى عائلات عادية ومحافظة، ما يجعل من هذه الظاهرة مشكلة مجتمعية خطيرة”.
وأشار غانون إلى أن “إسرائيل تعاني أصلاً من نقص كبير في عدد سائقي الحافلات، وأن تصاعد العنف ضدهم يزيد الأزمة تفاقماً”، مضيفاً أنه “منذ جائحة كورونا، تواجه البلاد نقصاً ثابتاً يُقدّر بنحو 5,000 سائق حافلة”.
وبحسب موقع “واينت”، هناك نحو “60 ألف سائق حافلات مرخّصين اختاروا العمل في مهن أخرى”، فيما تلقي النقابات اللوم على “تفشي العنف، إضافة إلى عوامل أخرى مثل الأجور المتدنية وساعات العمل الطويلة”.
الأمم المتحدة تحذر من عنف المستوطنين
يأتي هذا التقرير فيما حذّرت الأمم المتحدة، يوم الجمعة، من “ارتفاع حاد في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة”.
وأشارت إلى أن “شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي سجّل أعلى معدل شهري منذ ما يقرب من عقدين”، حيث تم توثيق “264 هجوماً من قبل المستوطنين”.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، نقلاً عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية: “هذا أعلى معدل شهري منذ نحو عشرين عاماً من حفظ السجلات، بمتوسط أكثر من ثماني حوادث يومياً منذ عام 2006”.


