بقلم:&nbspZara Riffler

نشرت في

اعلان

يواجه وزير الخارجية الألماني يوهان وادفول انتقادات واسعة تتعلق بمساره السياسي تجاه منطقة الشرق الأوسط. فقبل يوم واحد فقط من قيام الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، بتنفيذ ضربات عسكرية استهدفت منشآت نووية إيرانية، أكد وادفول أن واشنطن لن تتدخل عسكريًا في التوترات بين إسرائيل وإيران.

وفي إطار مبادرة دبلوماسية أوروبية لاحقة، قاد وادفول جهودًا للتوصل إلى محادثات مع إيران حول برنامجها النووي، حيث التقى يوم الجمعة الماضي بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على هامش مؤتمر في جنيف. لم تشارك كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في هذه المباحثات.

اتهم خبراء الوزير الألماني بعدم الواقعية في التعامل مع طهران، مشيرين إلى أن إيران تمارس لعبة دبلوماسية مع الجانب الأوروبي دون التزام حقيقي. كما لا تزال هناك انقسامات حادة حول فعالية الاتفاقات النووية الحالية في منع النظام من تطوير أسلحة نووية. وقد انتهت المحادثات في جنيف دون التوصل إلى أي تفاهم، وأعلنت إيران لاحقًا تعليق مشاركتها في المفاوضات.

وأثار وادفول غضبًا جديدًا يوم الاثنين خلال تصريحاته في بروكسل، قبل بدء اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي يبحث اليوم الوضع المتوتر في الشرق الأوسط على مستوى الوزراء.

وقال وادفول إن تغيير النظام في إيران ليس هدفًا للولايات المتحدة، مؤكدًا تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، التي أوضح فيها أن واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران. وأضاف وادفول: “رسميًا، صرّح نائب الرئيس الأمريكي بذلك، وقد أعربت إسرائيل أيضًا عن نفس الموقف”.

وتأتي هذه التصريحات متناقضة مع ما تناقلته الصحف والمواقع الإخبارية حول العالم يوم الاثنين، والتي أكدت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعرب خلال مقابلة الأحد عن رغبته الصريحة في تغيير النظام الإيراني، مما أثار استغرابًا واسعًا وامتعاضًا لدى العديد من الجهات المحللة والسياسية.

قبل ساعات: تحدث ترامب عن “تغيير النظام” للمرة الأولى

وأوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تدوينات نشرها على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد، أنه رغم عدم صواب استخدام مصطلح “تغيير النظام” من الناحية السياسية، إلا أنه أبدى تساؤلًا استفزازيًا بالقول: “إذا كان النظام الإيراني الحالي غير قادر على إعادة عظمة إيران، فلماذا لا يكون هناك تغيير للنظام؟!!!”

وهنا يكمن التناقض: فلأول مرة، تحدث ترامب بوضوح عن “تغيير النظام” في إيران، بل وتبنى شعار “إجعلوا إيران عظيمة مرة أخرى”، وهو خطاب يحمل دلالات أيديولوجية وسياسية عميقة.

وقد فسرت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، بما في ذلك صحيفة “وول ستريت جورنال”، ذلك على أنه إشارة واضحة إلى رغبة ترامب في تغيير الوضع القائم في طهران.

ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي لم يستبعد تقديم دعم لجهود تغيير السلطة في إيران، ما يُعد تصعيدًا ملحوظًا في لهجة الإدارة الأمريكية تجاه النظام الإيراني.

هل يمكن أن يكون وادفول مخطئًا مرة أخرى؟

في مقابلة مع “يورونيوز”، أكد الخبير الأمني نيكو لانغ بشكل واضح: “نعم، الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد تغيير النظام في إيران”.

وأوضح لانغ أن واشنطن تفضل في المقام الأول أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات وتتفق على تسوية جديدة. لكنه أشار إلى تصريحات الرئيس ترامب التي أظهرت بوضوح أنه “إذا لم تنجح الأمور مع الحكومة الحالية، فحينها يجب أن تكون هناك حكومة أخرى”.

وأضاف الخبير أن الاستراتيجية المشتركة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة لا ترتكز على خيار التحرك العسكري المباشر لتغيير النظام، “لكن كلا البلدين يؤيدان تغيير النظام في إيران من خلال أدوات سياسية واقتصادية وربما دعم معارضة داخلية”.

كيف تستغل إيران الأوروبيين؟

ُيشير الخبير العسكري نيكو لانغ إلى وجود مشكلة أعمق في المقاربة الحالية التي تتبناها الدول الأوروبية، وخاصةً ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ككل.

ويقول لانغ: “بغض النظر عن شخصية وزير الخارجية الألماني يوهان وادفول، فإن السؤال الجوهري هو إلى أي مدى قد تشكل السياسات الأوروبية الحالية خطرًا عكسياً على مصالح كل من الولايات المتحدة وإسرائيل”.

ويستطرد الخبير موضحًا أن “الأوروبيين يتصرفون وكأنهم يمارسون دبلوماسية التفاوض بالوكالة عن الأمريكيين، في حين أن الرئيس ترامب يؤكد باستمرار أنه الوحيد القادر على إبرام صفقة حقيقية مع إيران”.

كما يلفت لانغ الانتباه إلى أن “الاجتماع الذي عقد في جنيف يُصوَّر من قبل الأوروبيين بطريقة مختلفة تمامًا عمّا كانت عليه مخرجاته الواقعية”، مشددًا على أن “الدول الأوروبية لا يمكنها بأي حال التحدث باسم الولايات المتحدة أو إسرائيل، وهو ما يثير التساؤلات حول جدوى وفعالية هذه الجهود المنفصلة”.

وحذر نيكو لانج من أن اللاعبين الإيرانيين يتعاملون بذكاء استراتيجي مع الموقف الأوروبي، ويصف سلوك طهران بأنه “ماكر للغاية”، وشددعلى ضرورة أن يكون الأوروبيون حذرين، موضحًا: “لو كنت مكان إيران، لدرست بجدية إمكانية التلاعب بالأوروبيين ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. هناك خطر حقيقي لأن تنجح إيران في استغلال هذا الانقسام”.

وأشار الخبير إلى أن الأوروبيين يمثلون شريكًا أكثر ليونة ولطفًا في الحوار مع إيران، ولفترة طويلة اعتمدوا سياسة ناعمة لم تحقق أي نتائج ملموسة. ويضيف: “إيران تستغل تمامًا رغبة الأوروبيين في الاعتراف بهم كقوة دبلوماسية مؤثرة، بينما في الحقيقة، لا تمتلك هذه الدول الوسائل اللازمة لتحقيق أي تأثير حقيقي على الأرض”.

وأكد لانغ أن “الضغط الحقيقي والتأثير الفعلي يقعان على عاتق الولايات المتحدة وإسرائيل، وليس لدى ألمانيا أو فرنسا أو الاتحاد الأوروبي عمومًا أدوات للعب دور فاعل في هذا الملف”.

وحذر في الوقت نفسه من أن “استمرار الأوروبيين في السماح باستغلالهم من قبل إيران قد يتحول إلى خطر مشترك يهدد الجميع”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version