بقلم:&nbspيورو نيوز

نشرت في

اعلان

في ظل تصاعد الهجمات الروسية على العاصمة الأوكرانية، يلجأ آلاف المدنيين في كييف يوميًا إلى محطات المترو للاحتماء من الغارات الليلية بالطائرات المسيّرة والصواريخ، في مشهد يعيد إلى الأذهان قصف لندن خلال الحرب العالمية الثانية.

واستطلعت وكالة رويترز وضع سكان المدينة الذين باتت هذه المحطات ملجأ لهم. داريا سلافيتسكا، وهي أم لطفل يبلغ من العمر عامين، أصبحت تقضي لياليها في مترو كييف برفقة ابنها، حاملة بساط اليوغا والبطانيات وبعض الطعام في عربة الطفل. تقول سلافيتسكا للوكالة: “كنا نأتي إلى هنا مرة واحدة في الشهر قبل ستة أشهر، الآن نأتي للاحتماء ليلتين أو ثلاثاً في الأسبوع”.

وتتعرض كييف منذ بداية الصيف إلى قصف جوي ليلي كثيف، ما أثقل كاهل الدفاعات الجوية الأوكرانية وأعاد أجواء الحرب إلى حياة سكان العاصمة، الذين يبلغ عددهم نحو 3.7 مليون نسمة.

ووفقًا لإدارة مترو كييف، ارتفع عدد الزيارات الليلية للمحطات إلى 165 ألف زيارة خلال يونيو، مقارنة بـ65 ألفًا في مايو الماضي، وأكثر من أربعة أضعاف العدد المسجل في يونيو من العام الماضي.

وأرجع رئيس الإدارة العسكرية في كييف، تيمور تكاتشينكو، هذا الارتفاع إلى “شدة الهجمات وخطورتها”، مشيرًا إلى مقتل 78 مدنيًا وإصابة أكثر من 400 منذ مطلع العام الحالي.

وفي سياق متصل، تطرّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الهجمات على كييف خلال إعلانه عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة تشمل منظومات “باتريوت”، وقال: “من المدهش أن الناس يواصلون العيش هناك، وهم يعلمون أن شقتهم قد تُقصف في أي لحظة”.

رويترز نقلت عن سلافيتسكا أن طفلها بدأ يعاني من اضطرابات نفسية عند سماع صفارات الإنذار، ما اضطرها إلى استخدام مهدئات، وإقناعه بأن الأصوات التي يسمعها “ليست سوى رعد”. وتضيف: “منذ أن دمرت ضربة جوية مبنى مجاورًا لنا في أبريل، أصبحت أجهّز أوراقي الرسمية كل مرة أنزل فيها إلى المترو”.

وحذرت الأخصائية النفسية كاتيرينا هولتسبيرغ من تدهور الأوضاع النفسية لدى السكان، قائلة إن “الحرمان من النوم أدى إلى حالات توتر حاد واكتئاب وضعف في التركيز لدى الأطفال والبالغين”.

الأزمة تمتد إلى الاقتصاد والدفاع

وفي شهادة أخرى لرويترز، قالت كاتيرينا ستوروجوك، وهي من سكان ضواحي كييف: “النوم السيئ حوّل حياتي إلى جحيم، وصحتي تدهورت بشكل حاد”.

أما الباحث الأوكراني أنطون كورابوف من جامعة سالزبورغ، فأكد للوكالة أن “الصدمات اليومية التي يعيشها الأوكرانيون لا يمكن تصورها في الخارج”، مشيرًا إلى أن “الإحساس بالأمان ينهار بشكل تدريجي لدى السكان”.

وبحسب دراسة أعدها كورابوف ونُشرت في مجلة European Journal of Psychotraumatology في أغسطس 2024، فإن 88% من الأوكرانيين يعانون من سوء جودة النوم أو لا يحصلون على نوم كافٍ.

ووفقًا للباحثة ويندي تروكسل من مؤسسة “راند” الأميركية، فإن تداعيات الأرق لا تقتصر على الصحة النفسية، بل تشمل الأداء الاقتصادي والقدرات العسكرية. وذكّرت تروكسل بدراسة سابقة للمؤسسة نفسها أظهرت أن الاقتصاد الأميركي يخسر أكثر من 400 مليار دولار سنويًا بسبب قلّة النوم بين العاملين.

ومع تصاعد القصف، بدأ السكان في اللجوء إلى حلول بديلة. وأفادت شركة JYSK الدنماركية أن مبيعات الفرشات الهوائية وأسرّة التخييم في كييف ارتفعت بنسبة 25% خلال ثلاثة أسابيع فقط من يونيو.

وفي ظل غياب ملاجئ قريبة من منازلهم، لجأ بعض السكان إلى “كبسولات حديدية” صغيرة كملاجئ شخصية. وقالت كاتيرينا ستوروجوك لرويترز إنها استثمرت أكثر من 2000 دولار في كبسولة مصنوعة من الفولاذ المقاوم، وأضافت: “كنت أعاني من قلق دائم، ولم أستطع النوم. الآن أنام داخل الكبسولة كل ليلة مع كلبي زوزوليا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version