بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
في 7 أكتوبر من عام 1952، وُلد فلاديمير بوتين في مدينة سانت بطرسبرغ (لينينغراد سابقاً) لأسرة متواضعة من الطبقة العاملة. تخرّج في كلية الحقوق بجامعة لينينغراد عام 1975، ثم التحق بجهاز الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) حيث خدم لسنوات داخل الاتحاد السوفياتي وفي ألمانيا الشرقية.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بدأ بوتين مساره السياسي في بلدية سانت بطرسبرغ، ثم انتقل إلى موسكو عام 1996 ليشغل مناصب متقدمة في الكرملين.
في 31 ديسمبر 1999، أعلن الرئيس الروسي آنذاك بوريس يلتسين تنحيه المفاجئ عن السلطة، معلناً تعيين بوتين رئيساً بالإنابة.
جاء القرار في وقت كانت فيه روسيا تمر بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة بعد عقد من التحولات الاقتصادية. بعد أشهر، فاز بوتين في الانتخابات الرئاسية ليبدأ أولى ولاياته عام 2000، ويواصل بعدها البقاء في السلطة، سواء كرئيس أو كرئيس وزراء، حتى اليوم.
خطاب ميونيخ.. بداية التحول في العلاقة مع الغرب
في فبراير 2007، ألقى بوتين خطاباً في مؤتمر ميونيخ للأمن مثّل نقطة تحول في علاقات روسيا مع الغرب. انتقد خلاله ما وصفه بـ”التعامل الغربي مع روسيا كدولة مهزومة في الحرب الباردة”، وهاجم السياسات الأميركية عقب غزو العراق عام 2003، داعياً إلى نظام دولي “متعدد الأقطاب“.
كما أبدى اعتراضه على توسّع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقاً، معتبراً أن ذلك يشكل تهديداً مباشراً لأمن روسيا القومي. اعتُبر الخطاب لاحقاً إعلاناً لبداية مرحلة جديدة من السياسة الروسية تقوم على المواجهة مع الغرب بدلاً من التكيّف معه.
من جورجيا إلى أوكرانيا.. سلسلة من الأزمات
شهدت السنوات التالية سلسلة من المواجهات بين موسكو والغرب. ففي عام 2008 اندلعت الحرب الروسية–الجورجية، تبعتها أزمة الغاز التي استخدمتها موسكو كورقة ضغط على أوكرانيا وبيلاروس.
وفي عام 2014، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم بعد احتجاجات ميدان كييف وسقوط الحكومة الأوكرانية الموالية لموسكو، كما دعمت الحركات الانفصالية في إقليم دونباس شرق البلاد.
تراكمت التوترات إلى أن شنت روسيا في 24 فبراير 2022 هجوماً واسعاً على أوكرانيا، شمل العاصمة كييف ومدناً عدة، ما أدى إلى اندلاع حرب شاملة ما تزال مستمرة حتى اليوم.
النظرة الغربية إلى بوتين
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبح بوتين في نظر الغرب رمزاً للتهديد الجيوسياسي الأكبر للقارة الأوروبية. فقد وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكثر من مناسبة بأنه “خطر على أمن أوروبا”.
كما قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي إن “أمن أوروبا يبدأ من أوكرانيا”، مشيرة إلى حوادث اختراق الطائرات المسيّرة الروسية أجواء دول أعضاء في الناتو.
ورغم العقوبات الواسعة التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على موسكو، بما في ذلك تجميد الأصول وحظر الاستثمارات، لم تُظهر روسيا مؤشرات على التراجع. فقد واصل بوتين السعي لتعزيز تحالفاته مع دول مثل الصين، وإيران، وكوريا الشمالية، في إطار رؤيته لعالم “متعدد الأقطاب” يحد من هيمنة الغرب.
رؤية بوتين ودوافعه
يرى محللون أن سياسة بوتين تنبع من قناعة راسخة بدور روسيا التاريخي كقوة عظمى. وقد أشار وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر إلى أن بوتين “يحمل إيماناً عميقاً بالتاريخ الروسي ويعتبر أن بلاده تعرضت للإهانة بعد الحرب الباردة”.
بدوره، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز إن بوتين “يتصرف بدافع من مزيج من الإحساس بالظلم والطموح، وهو معزول عن الآراء المخالفة داخل دائرته الضيقة”.
بين الاستمرار والطموح
بعد أكثر من عقدين في الحكم، لا تزال سياسات بوتين تثير الجدل داخل روسيا وخارجها. وبينما يرى أنصاره أنه أعاد لروسيا مكانتها على الساحة الدولية، يعتبره منتقدوه قائداً يسعى لترسيخ نموذج سلطوي قائم على المركزية والمواجهة. ومع دخوله عقده السابع، يبقى السؤال مفتوحاً حول مستقبل روسيا في ظل استمرار المواجهة مع الغرب، وحدود الدور الذي يرسمه بوتين لبلاده في النظام الدولي الجديد.