بقلم: يورونيوز
نشرت في
وسط أجواء ودية، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيسة الوزراء اليابانية المعيّنة حديثًا سناي تاكاتشي، حيث اتفقا على تعزيز تحالف البلدين وبدء “عصر ذهبي جديد” من شأنه تقوية الاتفاقات السابقة بين واشنطن وطوكيو.
وقد استُقبل ترامب بطقوس بدت وكأنها صُممت خصيصًا له، أو على هواه. إذ وصل إلى قصر أكاساكا الفخم في طوكيو، بحرس شرف عسكري وفرقة موسيقية، وسط أسقف مقببة وجدران مزخرفة بالذهب – تمامًا على غرار ما يطمح إليه الرئيس في قاعة الرقص التي يخطط لبنائها في البيت الأبيض.
تاكاتشي تنجح في الاختبار؟
تاكاتشي، التي اتجهت الأنظار إليها بوصفها أول امرأة تتولى منصب رئاسة الوزراء في اليابان، التقت لأول مرة بالزعيم الجمهوري ويُعتقد أنها نجحت في نيل إعجابه، مستفيدة من الصداقة القديمة التي جمعت ترامب برئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، الزعيم الذي يتوقع أن تكون سياستها امتدادًا لنهجه.
وقدمت تاكاتشي لترامب مجموعة من الهدايا، منها حقيبة غولف، ومضرب ذهبي استخدمه آبي، وكرات غولف مطلية بالذهب، إضافة إلى قبعتين كُتب عليهما “اليابان عادت”.
ماذا أطعمت تاكاتشي ضيفها؟
حتى مأدبة الغداء لم تخلو من الرمزية، إذ قدمت تاكاتشي لضيفها ريزوتو بالدجاج مصنوع من الأرز الأمريكي، وشريحة لحم “نيويورك ستريب” من لحم البقر الأمريكي، مع خضروات من محافظة نارا. وللحلوى: جيلي الفواكه داخل فاكهة الكاكي (البرسيمون) من نارا – مسقط رأس تاكاتشي – مع بوظة الفانيليا.
ولفت الانتباه تقديم الأرز الأمريكي، إذ دعا ترامب مرارًا في السابق اليابان إلى شراء المزيد منه. كما سلمت تاكاتشي ترامب خريطة توضّح أبرز الاستثمارات التي نفذتها الشركات اليابانية في الولايات المتحدة منذ زيارته الأخيرة عام 2009.
كيف كسبت الرئيسة وده؟
أمطرت تاكاتشي ترامب بالإطراء قائلة إنه “أثّر فيها واستلهمت منه الكثير”، وصرّحت بأنها ستقوم بترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام، وفقًا للبيت الأبيض.
وردّ ترامب قائلًا: “من كل ما سمعته من شينزو وآخرين، ستكونين واحدة من أعظم رؤساء الوزراء. كما أود أن أهنئك على كونك أول امرأة تتولى هذا المنصب.. إنه أمر بالغ الأهمية.”
وأضاف: “أريد أن أؤكّد لكم أنّ هذه ستكون علاقة مميزة. إذا كنتم بحاجة إلى أي شيء، وإذا كان بإمكاني المساعدة، فسنكون هنا. نحن حليف على أعلى مستوى.”
على ماذا حصل ترامب؟
الاتفاق التجاري الذي وقّعه الزعيمان اليوم يعد بـ”عصر ذهبي جديد” للعلاقات الثنائية، كما عبّرت تاكاتشي، لكنه في الواقع يعيد تأكيد التفاهمات السابقة التي تم توقيعها في وقت سابق من هذا العام.
ويتضمن الاتفاق فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 15% على معظم الواردات اليابانية، بما في ذلك صناعة السيارات الضخمة، وهي أقل من الـ25% التي هدد بها ترامب في البداية.
وفي المقابل، تعهدت اليابان باستثمار 550 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراء مزيد من السلع الأمريكية في قطاعات رئيسية مثل السيارات والطائرات والزراعة والطاقة. وذكرت هيئة الإذاعة اليابانية NHK أن ما لا يقل عن عشر شركات يابانية تخطط لاستثمارات في هذه المجالات.
المعادن النادرة
وقع الزعيمان اتفاقًا لتعزيز إنتاج وتوريد المعادن النادرة، وهو اتفاق شبيه بما أبرمته الولايات المتحدة مؤخرًا مع دول أخرى لمواجهة ما تصفه بـ”شبه احتكار الصين لهذه الصناعة”.
وقال البيت الأبيض إن البلدين سيستخدمان أدوات السياسة الاقتصادية والاستثمار المنسق لتسريع “تطوير أسواق متنوعة ومرنة وعادلة للمعادن الحيوية والعناصر النادرة”، مع تقديم دعم مالي لمشروعات مختارة خلال الأشهر الستة المقبلة.
كما سيبحثان إنشاء نظام تخزين احتياطي متكامل، والتعاون مع شركاء دوليين لضمان أمن سلاسل التوريد. وتشير مجموعة أوراسيا إلى أنه رغم هيمنة الصين على قطاع المعادن، تسيطر الولايات المتحدة وميانمار على نحو 12% و8% من إنتاج المعادن النادرة عالميًا، فيما تغطي ماليزيا وفيتنام 4% و1% من عمليات المعالجة على التوالي.
وجاء هذا الاتفاق بعد إعلان الصين فرض قيود جديدة على تصدير التقنيات المتعلقة بهذه المعادن، ما أثار استياء الولايات المتحدة واليابان وأوروبا.
رهانات استراتيجية
وعلى الرغم من الأجواء الودية، يُعتقد أن اللقاء يحمل رهانات كبيرة بالنسبة لليابان، إذ تضررت شركات تصنيع السيارات فيها بشدة من الرسوم الجمركية الأمريكية.
وتساهم الاستثمارات الجديدة في تخفيف أي مطالب محتملة من ترامب لزيادة الإنفاق الأمني الياباني، وهو ما استبقت تاكاتشي بالتعهد بتسريع خطط رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في مواجهة النفوذ الصيني المتصاعد.
لقاء عائلات اليابانيين المختطفين
قبيل التوقيع على الاتفاقات، اجتمع ترامب بعائلات اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية بين 1977 و1983، وهي قضية شائكة منذ عقود بين طوكيو وبيونغ يانغ.
ووعد ترامب، الذي التقى هذه العائلات خلال ولايته الأولى، بأن “الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لإعادتهم”.
لقاء روبيو بنظيره الياباني
في غضون ذلك، التقى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنظيره الياباني يوم الثلاثاء في طوكيو، وذلك بعد توقيع البلدين على اتفاقية لتنفيذ ما يُوصف بـ”العصر الذهبي” لتحالفهما.
وخلال المحادثات، قال توشيميتسو موتيجي، وزير خارجية اليابان، إن المناقشات السابقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء اليابانية سناي تاكاتشي كانت “ودية جدًا ومنسجمة”.
كما شكر نظيره الأمريكي على كلماته الطيبة لعائلات الأشخاص الذين يُعتقد أنهم اختُطفوا من قبل كوريا الشمالية.
وأكد روبيو أن جميع المحادثات والمفاوضات بين البلدين حول التجارة تقوم على “أساس قوي” يجمع بين الولايات المتحدة واليابان.
المحطة التالية
بعد أن يصل ترامب إلى القاعدة البحرية الأمريكية في يوكوسوكا، ويلتقي قادة الأعمال في طوكيو، سيتوجه إلى كوريا الجنوبية للقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ.


