مع سقوط نظام الأسد في سوريا، بدأت تتكشف فظائع السجون التي كانت تمثل أدوات قمع وترهيب للمعتقلين، حيث تحولت إلى أماكن اختبأ فيها النظام لتصفية المعارضين وقتلهم بطرق وحشية. ومن أبرز هذه السجون، سجن صيدنايا العسكري، الذي يمثل رمزًا من رموز القمع في عهد النظام السابق.
تأسس سجن صيدنايا العسكري، الواقع في شمال دمشق في عام 1987، ليصبح لاحقًا جحيمًا بشريًا يعاني فيه المعتقلون من التعذيب الممنهج والإعدامات الجماعية. هذه الممارسات كانت تهدف إلى تدمير إرادة المعتقلين عبر أساليب قاسية تشمل التعذيب النفسي والجسدي.
وفقًا لتقرير منظمة العفو الدولية، كانت تلك الأساليب جزءًا من سياسة النظام الرامية إلى إخضاع المعارضين وتخويفهم. شهادات الناجين من السجن، مثل رواية مصطفى خليفة في كتابه “القوقعة: يوميات متلصص”، تقدم تفاصيل مروعة عن إعدامات جماعية تُنفذ علنًا في ساحة السجن، ما كان يهدف إلى نشر الرعب بين المعتقلين.
2. سجن سدي تيمان: القمع الإسرائيلي في صحراء النقب
في صحراء النقب جنوب إسرائيل، يظهر سجن سدي تيمان كأحد أبرز مراكز الاحتجاز القاسية للأسرى الفلسطينيين. منذ الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، تحول هذا السجن إلى نقطة جذب للانتقادات الحقوقية العالمية بسبب الظروف القاسية والممارسات التعذيبية.
وأشارت التقارير الحقوقية إلى أن المعتقلين في سجن سدي تيمان يُحتجزون في غرف معزولة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ويتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تهديدات بالإذلال الجنسي. ومع وجود تقارير عن الانتهاكات اليومية، تتزايد الضغوط الدولية لفتح تحقيقات في ممارسات التعذيب داخل السجن، بينما تحاول السلطات الإسرائيلية الدفاع عن جنودها المتهمين بهذه الانتهاكات.
3. سجن أبو غريب: فضيحة التعذيب الأميركية
في سجن أبو غريب في العراق، يتجسد أحد أبرز الرموز لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الأميركية ضد المعتقلين. في عام 2004، فُجرت فضيحة التعذيب في السجن بعد انتشار صور تكشف عن صعق المعتقلين بالكهرباء والإيهام بالغرق. ورغم المحاكمات التي طالت بعض الجنود المتورطين، فإن العقوبات كانت مخففة، ما أثار غضبًا عالميًا.
وحتى بعد سنوات، استمر الجدل حول محاسبة الولايات المتحدة على هذه الانتهاكات، حيث تم فرض تعويضات للمعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب.
4. معتقل غوانتانامو: 22 عامًا من الاحتجاز القاسي
منذ افتتاحه في 2002، أصبح معتقل غوانتانامو في كوبا رمزًا لانتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها الولايات المتحدة ضد المعتقلين. لا يزال السجن يحمل إرثًا من المعاملة القاسية والاحتجاز غير القانوني، حيث يُحتجز المعتقلون دون توجيه اتهامات أو محاكمة، ما يمثل انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من توقف بعض أساليب التعذيب رسميًا، فإن آثارها لا تزال باقية في السجن، حيث يُجبر المعتقلون على البقاء مستيقظين لأيام متواصلة، وتُستخدم الموسيقى لتدمير إرادتهم. وبالرغم من ذلك، يظل العديد من المعتقلين محتجزين لفترات طويلة دون محاكمة.
5. سجون أخرى: مراكز قمع حول العالم
إلى جانب هذه السجون، توجد العديد من السجون حول العالم التي تتميز بقسوتها، مثل سجن تورتورا في الأرجنتين وسجن جزيرة مان في المملكة المتحدة. تشهد هذه السجون تقارير مستمرة عن ظروف غير إنسانية وتعرض المعتقلين لمعاملة قاسية، ما يجعلها محط اهتمام في النقاشات الحقوقية العالمية.
تعد ممارسات التعذيب في السجون حول العالم من أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان، حيث تتنوع الأساليب التي تستخدمها الأنظمة القمعية، ومن بينها “التعذيب الأبيض” الذي يركز على تدمير المعتقلين نفسيًا دون الحاجة للتعرض لهم جسديًا.
يُستخدم هذا الأسلوب في سجون مشهورة مثل سجن تزمامارت في المغرب، سجن إيفين في إيران، سجن أبو غريب في العراق، ومعتقل غوانتانامو في كوبا، حيث يعاني المعتقلون من العزل التام والحرمان من النوم، وهي وسائل تهدف إلى كسر إرادتهم النفسية.
في سجن إيفين، على سبيل المثال، يتم اللجوء إلى العزل الطويل والتهديد المستمر بالموت كوسيلة لإضعاف المعتقلين عقليًا. هذا النوع من التعذيب النفسي يؤدي إلى أضرار نفسية طويلة الأمد، كما تؤكد منظمات حقوق الإنسان مثل “العفو الدولية” التي وثقت آثار هذه الممارسات. وتُظهر الشهادات من الناجين أن هذه التجارب تترك آثارًا نفسية يصعب علاجها حتى بعد الإفراج عن المعتقلين.
لا يقتصر “التعذيب الأبيض” على تدمير الجسد بل يستهدف أساسًا الروح البشرية، مما يجعل من الصعب ملاحظة أبعاده في البداية. لكن مع مرور الوقت، تتكشف الآثار النفسية العميقة التي تلاحق الضحايا.