«الساعة ساعتك»..

هكذا كانت ترد جدتي حين أسألها: كم الساعة؟

كانت تمتلك ساعة كبيرة

كتلك التي ترن في الأفلام القديمة..

لا تعرف أن الساعة ستون دقيقة،

وكل الساعات كاذبة في اعتقادها

عدا ساعتها التي توقظها قبل الفجر..

ساعة الجامع الكبير في شهارة تبدو مثل صندوق العجائب،

اتأمل بندولها الفضي

فتخطر في بالي ملعقة المرق،

لم يكن بداخلها عصفور ليخرج منها على رأس الساعة..

البندول الفضي ما زال يتحرك داخل رأسي

أتذكره قبل أن أنام

فتخطر في بالي كل أفلام التنويم المغناطيسي.

لن أتحدث عن ساعة أبي «الصليب»..

الني كانت تضيء عقاربها في الظلام،

هي التي سقطت في قاع البركة،

هي التي أهداني إياها حين ختمت القرآن..

ما زالت تعمل،

أضعها الآن تحت المخدة وأسمع تكاتها

تنبض مثل قلب.

أنا المحاصر بالوقت

المشغول بضبط أنفاسي كل ثانيتين..

لم أخطئ يوماً في قياس المسافة بين بيتنا وصيدلية أبي،

أربع مائة وثلاث وستون خطوة

كل خطوة هي ثانية بمقياس قدميَّ الصغيرتين..

ساعة الحلوى التي تشبه المسبحة

كنت أرتديها وأقضم حباتها..

كبرت وطوقت يدي بساعة سيكو

أوماكس.. أورينت.. كاسيو..

منذ عشرين عاماً لم أضع ساعة في يدي،

لم يعد للوقت معنى منذ أن مات أبي.

كان أبي يعض يدي الصغيرة ويقول لي: هذه ساعة..

أسنانه تترك ابتسامة كبيرة على يدي

وأنا أتباهى بتلك الساعة المؤقتة

المليئة بأنفاس أبي.

كانت أجمل ساعة

ليس بها عقارب..

انظر إلى الساعة

فأرى ابتسامته مطبوعة في يدي

وأتمنى أن يضبط الزمن ساعته على تلك اللحظة ويتوقف.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version