رحل المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد، أحد أبرز صناع السينما في مصر والعالم العربي، عن عمر يناهز 79 عامًا، بعد صراع مع المرض. أعلنت زوجته، الكاتبة الصحفية كريمة كمال، الخبر المحزن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتفقد السينما العربية قامة فنية تركت بصمة واضحة في تاريخها. وقد أثار رحيل داوود عبد السيد موجة من الحزن والتعاطف في الأوساط الفنية والثقافية.
توفي المخرج الكبير يوم السبت، بعد معاناة مع مضاعفات صحية، خاصةً فيما يتعلق بمشاكل في الكلى، حيث كان يخضع لغسيل كلوي منتظم. وقد أشرف وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو شخصيًا على متابعة حالته الصحية وتوفير الرعاية اللازمة له، وفقًا لما صرح به نجله الموسيقار راجح داوود.
رحلة فنية متميزة لـ داوود عبد السيد
يُعتبر داوود عبد السيد من رواد السينما الواقعية في مصر، حيث تميزت أعماله بالمعالجة العميقة للقضايا الاجتماعية والسياسية، وتقديم صورة حقيقية لحياة الطبقات المهمشة والمواطنين البسطاء. لم يكتفِ عبد السيد بتصوير الواقع، بل سعى إلى تحليله ونقده بأسلوب سينمائي فريد يجمع بين السخرية والدراما والشعرية.
بداياته ومساعدته للمخرج يوسف شاهين
بدأ داوود عبد السيد مسيرته الفنية كمساعد مخرج في العديد من الأفلام الهامة، أبرزها فيلم “الأرض” للمخرج الكبير يوسف شاهين. هذه التجربة المبكرة ساهمت في صقل مهاراته واكتساب خبرة قيمة في عالم صناعة السينما. لاحقًا، اتجه إلى إنتاج الأفلام الوثائقية الاجتماعية قبل أن يخطو نحو الإخراج الروائي.
أفلامه التي تركت أثرًا عميقًا
قدم داوود عبد السيد خلال مسيرته السينمائية العديد من الأفلام التي حققت نجاحًا كبيرًا ونالت استحسان النقاد والجمهور على حد سواء. من بين أبرز أعماله: “الصعاليك” (1985)، و”البحث عن سيد مرزوق” (1991) الذي فاز بجائزة الهرم الفضي في مهرجان القاهرة السينمائي، و”الكيت كات” (1991) الذي يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية، بالإضافة إلى “أرض الأحلام” (1993) و”أرض الخوف” (2000) و”مواطن ومخبر وحرامي” (2001). تتميز هذه الأفلام بتناولها قضايا الفساد والسلطة والحلم الضائع بأسلوب جريء ومبتكر.
تأثيره على السينما العربية
لم يقتصر تأثير داوود عبد السيد على السينما المصرية فحسب، بل امتد ليشمل السينما العربية بأكملها. فقد ألهمت أعماله العديد من المخرجين الشباب، وساهمت في تطوير حركة السينما المستقلة في المنطقة. كما شاركت أفلامه في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، وحصلت على جوائز وتقديرات مرموقة. تعتبر أفلامه مرجعًا هامًا للباحثين والدارسين في مجال السينما.
بالإضافة إلى إخراجه، كان داوود عبد السيد يتمتع برؤية فنية شاملة، حيث شارك في كتابة سيناريو العديد من أفلامه، واهتم باختيار الممثلين المناسبين لكل دور. كما كان يولي اهتمامًا كبيرًا بالموسيقى التصويرية، التي كانت تلعب دورًا هامًا في تعزيز الأجواء الدرامية في أفلامه.
رحيل داوود عبد السيد يمثل خسارة كبيرة للسينما العربية، ويترك فراغًا يصعب ملؤه. إلا أن إرثه الفني سيظل حيًا في ذاكرة الأجيال القادمة، وستظل أفلامه مصدر إلهام وإبداع.
من المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل مراسم الجنازة وتشييع الجثمان في الساعات القادمة. كما يتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة تنظيم العديد من الندوات والفعاليات لتكريمه وتأبينه. وسيبقى تأثيره على السينما العربية حاضرًا، وستظل أعماله شاهدة على موهبته وإبداعه.


