أعلنت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي عن قائمة الفائزين في دورتها الحادية عشرة لعام 2025، في حفل بهيج أقيم مساء الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة. هذا الإعلان يمثل تتويجًا لجهود المترجمين المتميزين الذين يسعون جاهدين لردم الهوة بين الثقافات من خلال عملهم الدؤوب. الجائزة، التي تعتبر من أبرز المنارات الثقافية في العالم العربي، تواصل دعم الترجمة كأداة أساسية للتفاهم الدولي وتعزيز الحوار بين الحضارات.
تتويج المبدعين في حفل الدوحة
شهد الحفل حضورًا بارزًا، حيث قام الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني بتكريم الفائزين نيابة عن الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وقد عكس هذا الحضور اهتمامًا خاصًا من القيادة القطرية بدعم حركة الترجمة وتشجيع المترجمين على مواصلة مسيرتهم. تميزت الدورة الحادية عشرة بتنوع اللغات المشاركة، مما يعكس التزام الجائزة بالشمولية والاحتفاء بالتنوع اللغوي والثقافي.
الفائزون في فئة الترجمة من الألمانية والعربية والتركية
توزعت الجوائز على عدة فئات لغوية، مما أتاح الفرصة لتكريم جهود المترجمين في مختلف المجالات. في فئة الترجمة من اللغة الألمانية إلى اللغة العربية، حصد كل من محمد أحمد أبو زيد وعمر الغول المركز الثاني مناصفة، وذلك عن ترجمتهما المتقنتين لكتاب “العمل والعادات والتقاليد في فلسطين” لغوستاف دالمان، وكتاب “القدس ومحيطها الطبيعي” لنفس المؤلف على التوالي. بينما ذهب المركز الثالث إلى هارون أحمد سليمان أحمد عن ترجمة كتاب “زمن السَّحَرة العقد الذهبي للفلسفة 1919- 1929” لفولفرام آيلنبيرغر.
أما في فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية، فقد فازت المترجمة لاريسا باندر بالمركز الأول عن ترجمتها الرائعة لكتاب “القوقعة.. يوميات متلصص” لمصطفى خليفة. هذا الفوز يعكس قدرة المترجمين على نقل الفروق الدقيقة في النصوص الأدبية إلى لغات أخرى، والحفاظ على جوهرها ومعانيها.
وفي فئة الترجمة من اللغة التركية إلى اللغة العربية، نال محمد عبد العاطي محمد المركز الثاني عن ترجمة كتاب “عصيان محمد علي باشا.. المسألة المصرية 1831 – 1841” لشناسي آلتونداغ، بينما حصد عبد الرزاق محمد حسن بركات المركز الثالث عن ترجمة كتاب “تاريخ الفكر التركي المعاصر” لحلمي ضيا أولكن.
جوائز الإنجاز تكرم المؤسسات والأفراد
لم تقتصر الجائزة على تكريم المترجمين الفرديين، بل امتدت لتشمل المؤسسات التي تساهم في دعم حركة الترجمة. في فئة الإنجاز باللغة الإنجليزية، فازت “نماء للبحوث والدراسات”، بينما فازت “دار بقاء” ووحيد الدين إينجا ودار أنقرة أوقولو في فئة الإنجاز باللغة التركية. أما في فئة الإنجاز باللغة الألمانية، فقد فاز معهد الدراسات الشرقية بجامعة لايبزيغ.
كما تم تكريم أمنواي أفندي بوكر أجين، وجمعية خريجي الجامعات والمعاهد العربية في تايلند، وأرون جلال الدين (بون شوم) في فئة الإنجاز باللغة التايلندية. وفي فئة الإنجاز باللغة الألبانية، فاز كل من محمد م. الأرناؤوط، ودار لوغوس-أ، وفيتي مهديو، وقسم الدراسات الشرقية في جامعة بريشتينا (كوسوفو)، وسليمان تومتشيني.
أهمية جوائز الإنجاز
تكمن أهمية جوائز الإنجاز في تقدير الجهود المستمرة التي تبذلها هذه المؤسسات والأفراد في دعم الترجمة وتعزيز التبادل الثقافي. هذه الجوائز تشجعهم على مواصلة عملهم وتوسيع نطاق تأثيرهم.
كلمات ملهمة حول أهمية الترجمة
في مستهل الحفل، عُرض فيلم تعريفي سلط الضوء على أبرز محطات الدورة الحادية عشرة، بما في ذلك الجولات الميدانية التي قام بها وفد الجائزة إلى ألمانيا ودول البلقان. وأكد الدكتور حسن النعمة، الأمين العام للجائزة، في كلمته على المكانة الرفيعة التي تحظى بها الجائزة في مسيرة الثقافة الإنسانية، بوصفها جسرًا للتواصل بين الشعوب ومنارة تضيء دروب الأدب والعلم والفن.
أما المترجمة لاريسا باندر، فقد ألقت كلمة مؤثرة أكدت فيها أن الترجمة ليست مجرد عمل لغوي، بل هي فعل ثقافي وإنساني يبني جسور الفهم بين الشعوب. كما أشارت إلى التحديات التي تواجه المترجمين، بما في ذلك تراجع التقدير المعنوي والمادي، والتهديد الذي تشكله الترجمة الآلية.
توسيع آفاق التواصل الثقافي
تعتبر جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي مبادرة رائدة تساهم في تعزيز الحوار بين الثقافات وتوسيع آفاق التفاهم المتبادل. من خلال تكريم المترجمين والمؤسسات المتميزة، تشجع الجائزة على الاستثمار في الترجمة كأداة أساسية للتنمية الثقافية والاجتماعية.
إن اعتماد ثلاث لغات جديدة (الإنجليزية والألمانية والتركية) إلى جانب اللغتين الألبانية والتايلندية، يعكس التزام الجائزة بالتنوع اللغوي والثقافي، ويسعى إلى الوصول إلى جمهور أوسع من القراء والباحثين. هذا التوسع يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف الجائزة في بناء عالم أكثر تفاهمًا وتعاونًا.
في الختام، تبقى جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي رمزًا للأمل والتفاؤل، ومحفزًا للمترجمين والمؤسسات الثقافية على مواصلة جهودهم في سبيل بناء جسور التواصل بين الشعوب والحضارات. ندعو الجميع إلى دعم هذه المبادرة الرائدة والمساهمة في تعزيز قيم التسامح والحوار والتفاهم المتبادل.


