شهدت القصيدة العربية تحولات جوهرية عبر تاريخها الطويل، ومع ذلك احتفظت بجوهرها ولم تتأثر بشكل كبير بالتغيرات التي طرأت عليها. ورغم أن كل شاعر كان يتميز ببصمته الخاصة قبل العصر الرقمي، إلا أن التشابه بين النصوص أصبح ظاهرة ملحوظة في السنوات الأخيرة.

ويرى شعراء ونقاد أن هذه الظاهرة تهدد هوية الشعر العربي وتجعل من الصعب التمييز بين شاعر وآخر. في هذا السياق، يلقي الضوء على أسباب هذه الظاهرة وآثارها.

أسباب التشابه في الشعر العربي

يرى الشاعر محمد خضر أن التشابه بين القصائد ناتج عن قناعات الشعراء بأن الشعر هو مجموعة من المُسلّمات الفنية والمدرسية المتوارثة من مدونة الشعر العربي العريقة. وأضاف أن الشاعر يتقن الدرس في نماذجه المتعارف عليها ثم لا يبرحها، مما يحد من فرادته وتجريبه.

من جهة أخرى، يعتقد الشاعر عصام فقيري أن القصائد في العقدين الأخيرين تتشابه، حتى وإن كانت جميلة في لغتها وصورها وتراكيبها. وأشار إلى أن التناسخ الفج يؤذن بدخول القصيدة العربية مرحلة خطرة قد تتسبب في ضياع هويتها وانفراط ملامحها.

تأثير المسابقات الشعرية

يرى الشاعر أحمد الماجد أن بعض التشابه ينتج عن تحايل الشعراء على لجان التحكيم في المسابقات الشعرية بمحاكاة القصائد الفائزة في النسخ السابقة. وأضاف أن هذا التحايل يؤدي إلى تشابه متعمد في أرواح القصائد.

وفي السياق نفسه، ترى أفراح مؤذنه أن التأثير بالنماذج المتميزة من الشعر أحدث نوعاً من التشابه بين غالبيّة الشّعراء. وأبدت تحفظها على بخس المنتج الأدبي حقه، مشيرة إلى أن الفرادة نتيجة رؤية ووعي وتجربة صادقة.

آثار التشابه على الشعر العربي

يؤكد النقاد أن ظاهرة التشابه تهدد هوية الشعر العربي وتجعل من الصعب التمييز بين شاعر وآخر. ورغم ذلك، يرى بعض الشعراء أن هناك شعراء ما زالوا يشتغلون في الظل على نتاجهم الإبداعي، ويُعيدون إلى الشعر وهجه وحيويته.

وفي الختام، يبقى الشعر العربي في حاجة إلى مزيد من النقد الجاد والتحليل العميق لظواهره وتطوراته. ومن المتوقع أن تظل ظاهرة التشابه قيد الدراسة والبحث في الأوساط الأدبية والنقدية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version