أظهرت دراسة نشرها مركز أبحاث السلطة والمشاركة في العاصمة داكا -أمس الاثنين- ارتفاع معدل الفقر بالبلاد خلال 3 سنوات من 18.7% عام 2022 إلى 27.93% (أواسط هذا العام) أي أن نحو 48.7 مليون شخص، من أصل نحو 174 مليون نسمة إجمالي سكان بنغلاديش.

وبسبب محدودية الدخل، فإن نحو 55% من إجمالي النفقات الشهرية للأسرة البنغالية يذهب للطعام، مما يشير لتزايد صعوبات المعيشية اليومية وصعوبة الإنفاق على كثير من المصارف الأخرى، حسب الدراسة المعنونة “التحولات الاقتصادية والحالة المزاجية على مستوى الأسرة منتصف عام 2025”.

وقال الرئيس التنفيذي للمركز، الدكتور حسين ظل الرحمن، إن معدل الفقر المدقع ارتفع، فوفق أرقام رسمية بلغ معدل الفقر المدقع عام 2022 نسبة 5.6%، وبحلول مايو/أيار 2025 ارتفع إلى 9.35%، إضافة إلى أن 18% من الأسر بوضع اقتصادي هش وضعيف ويمكن أن تدخل في عداد الفقراء في أي وقت.

وقد أُجريت الدراسة قبل 3 أشهر -وتحديدا في مايو/أيار الماضي- بناءً على آراء 33 ألفا و207 أشخاص من 8067 أسرة. وفي محاولة لتفسير هذا الارتفاع في معدل الفقر، تشير الدراسة إلى أن بنغلاديش تواجه تأثيرا تراكميا لـ3 أنواع من الأزمات هي:

  • جائحة كورونا
  • التضخم
  • عدم اليقين السياسي والاقتصادي

ويشير المركز إلى أنه رغم انخفاض الرشوة والفساد المالي منذ أغسطس/آب من العام الماضي بعد الإطاحة بالشيخة حسينة، فإنها لم تتوقف. فقبل هذا التاريخ، اضطر 8.54% من الذين أدلوا بآرائهم في الدراسة لدفع رشاوى للحصول على الخدمات. لكن بعده، انخفض معدل دفع الرشى إلى 3.69% ممن استطلعت آراؤهم من المواطنين، ودفعت أعلى الرشاوى للمكاتب الحكومية، يليها ما دفعه الناس للشرطة والقادة السياسيين.

وتظهر الدراسة أن متوسط الدخل الشهري للأسر بالمناطق الحضرية انخفض على مدى 3 سنوات، لكن النفقات زادت، إذ يبلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة بالمدينة 40 ألفا و578 تاكا بنغالية (333 دولارا) في حين تبلغ النفقات 44 ألفا و661 تاكا (370 دولارا). وعام 2022 كان متوسط الدخل الشهري 45 ألفا و578 تاكا (384 دولارا).

ومن ناحية أخرى، ارتفع متوسط دخل الأسر الريفية بشكل طفيف، ليصل إلى 29 ألفا و205 تاكات (340 دولارا) وبلغ متوسط إنفاق الأسرة 27 ألفا و162 تاكا (223 دولارا) في حين كان عام 2022 ما يعادل 26 ألفا و163 تاكا (215 دولارا).

وفي العموم، يبلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة البنغالية كحد أدنى على المستوى الوطني 32 ألفا و685 تاكا (268 دولارا) وتبلغ النفقات 32 ألفا و615 تاكا (267 دولارا) مما يعني أنه “لا توجد مدخرات”.

6 مؤشرات خطر

ونتيجة لنسب التضخم وتراجع الدخل فإن معظم النفقات الشهرية للأسرة تذهب لشراء طعامها وشرابها، والقليل المتبقي على التعليم والعلاج والمواصلات والسكن، وقال ظل الرحمن إن الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور محمد يونس تولي أهمية للاقتصاد الكلي مقارنةً بالاقتصاد الجزئي لأسباب ذات صلة بالواقع الذي تتعامل معه منذ عام، لكن ثمة أهمية بالغة لأن يكون هناك منظور موجه نحو الناس في التخطيط الاقتصادي.

وأضاف “نحن بحاجة إلى زيادة النقاش حول المساواة والعدالة وعدم التمييز ورفاهية المواطنين من دون أن يقتصر النقاش على الناتج المحلي الإجمالي فقط” مشيرا إلى ضرورة التعامل مع 6 مؤشرات خطر جديدة على وجه الخصوص وهي:

  1. يتزايد عبء الأمراض المزمنة تدريجيًا بيننا في المجتمع وثمة حاجة إلى نوع جديد من برامج الضمان الاجتماعي للتعامل مع الأمراض المزمنة.
  2. الأسر التي تعولها النساء في أدنى مستوى في المجتمع، لذا فهن بحاجة إلى دعم خاص من الدولة والمؤسسات.
  3. يتزايد عبء الديون التي أصبحت مشكلة كبيرة في المجتمع.
  4. تزايد انعدام الأمن الغذائي، رغم أنه ليس منتشرًا على نطاق واسع بعد، لكنه يتزايد ببطء، وهو أمر مثير للقلق.
  5. فقط 5 سنوات أمام بنغلاديش للتغلب على أزمة الصرف الصحي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث لا يزال حوالي 36% من الناس يستخدمون دورات غير صحية. ونتيجة لذلك، أصبح ضمان الصرف الصحي الآمن في غاية الأهمية، وإن كانت مشكلة غير مرئية لكثير من المهتمين بقضايا الفقر.
  6. إشكالية التوظيف، وحسب الدراسة في بنغلاديش “حالة طوارئ بمجال التوظيف فنحن في خضم كارثة بطالة، وهناك حاجة لأفكار ومبادرات عاجلة للتوظيف ومن المهم مناقشة هذه القضية الآن وأن نتخذ خطوات فعالة”.

وحسب أرقام الدراسة فإن 38% من الباحثين عن عمل أو القوى العاملة لا يجدون وظائف تكفي حاجاتهم اقتصاديا، أما مشاركة المرأة في سوق العمل فتقف عند نسبة 26%.

دراسة الفقر 2024

تعزز هذه الدراسة بشكل أدق وبمعدلات فقر أعلى ما أظهرته دراسة سابقة، إذ تؤكدان معا الاتجاه الاقتصادي ذاته في حياة الأسر الفقيرة، ففي أواخر مارس/آذار الماضي أصدر معهد بنغلاديش للدراسات الإنمائية في داكا دراسة أشار فيها إلى أن البلاد تشهد ارتفاعا بمعدلات الفقر، مما يؤدي لتفاقم انعدام الأمن الغذائي وبلوغه مستويات مقلقة، مشيرا إلى الزيادة الحادة بمعدلات الفقر في بعض الأقاليم بين عامي 2022 و2024.

وقال مدير الأبحاث في المعهد محمد يونس “ارتفعت نسبة الأسر الفقيرة إلى 26.43% عام 2024 من 24.73% عام 2022، وارتفعت نسبة من هم في فقر مدقع من 6.06% إلى 6.63% خلال الفترة نفسها”.

وحسب الدراسة التي أجريت بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي وحملت عنوان “تقديرات أحوال المناطق الصغيرة للفقر (2022-2024)” فإن نسبة الفقراء زادت بالمناطق الرئيسية في البلاد.

وسُجلت أعلى معدلات الفقر في باندربان ورانغبور وسيلهت، وشهدت المناطق الحضرية ارتفاعًا أكثر حدة في الفقر المدقع، وبلغت نسبته 8.16% عام 2024، مقارنة بـ7.98 % عام 2022، في حين ارتفع الفقر المدقع في المناطق الريفية من 4.94% إلى 5.75%.

لماذا يزيد الفقر؟

عزا تقرير مركز أبحاث السلطة والمشاركة في داكا الارتفاع في الفقر إلى أسباب عديدة منها:

  • ضغوط التضخم في الأسعار.
  • الكوارث الناجمة عن تغيرات المناخ.
  • التباطؤ الاقتصادي.

وكان التأثير أكثر حدة في المناطق الريفية، حيث كان عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر أعلى مما هو عليه بالمناطق الحضرية.

ويظهر مقياس تجربة انعدام الأمن الغذائي اتجاهاً نحو التدهور في نظر الدراسة، إذ إن عدد الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي “المعتدل” زاد بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، كما ارتفع انعدام الأمن الغذائي “الشديد” مما أدى إلى تعميق الأزمة لدى الفئات السكانية الضعيفة.

وقال مدير معهد بنغلاديش للدراسات الإنمائية، أبو الكلام إنعام الحق، إن ثمة حاجة ملحة لتدخلات سياسية هادفة، مشيرا إلى ضرورة توسيع نطاق برامج شبكة الأمان الاجتماعي، وتعزيز آليات توزيع الغذاء، والاستثمار في برامج العمالة الريفية، ومعالجة الضغوط التضخمية التي تؤدي إلى تآكل القوة الشرائية.

وأضاف أنه -مع تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي- يجب على صانعي السياسات اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لمنع المزيد من التدهور في الوضع، وضمان رفاهية الملايين من المواطنين الضعفاء.

ويظل البنغاليون مستثمرين تجارا ومواطنين في حالة ترقب للتغير السياسي الجاري والذي لم تكتمل فصوله منذ نحو عام، إذ تدير شؤون البلاد حكومة مؤقتة برئاسة محمد يونس، منذ إسقاط الحراك الطلابي حكم الشيخة حسينة مطلع أغسطس/آب 2024، وقد وعد الرئيس بإجراء انتخابات تشريعية مطلع فبراير/شباط المقبل وتسليم الحكم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version