تراجعت أسعار الذهب اليوم وسط حالة من الترقب الحذر في الأسواق، حيث يسعى المستثمرون إلى تقييم المخاطر قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي المرتقب. هذا التراجع يأتي بعد فترة من المكاسب القوية، مع اتجاه المستثمرين إلى جني الأرباح. يراقب المحللون عن كثب بيانات الاقتصاد الكلي، وخاصة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، للحصول على إشارات حول مستقبل أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، والتي بدورها تؤثر بشكل كبير على جاذبية الذهب كأصل استثماري.
أسعار الذهب اليوم: تراجع مع جني الأرباح وترقب بيانات اقتصادية
شهدت أسعار الذهب انخفاضًا طفيفًا في المعاملات الفورية، حيث انخفضت بنسبة 0.11% لتصل إلى 4198.50 دولارًا للأوقية (الأونصة) وقت كتابة هذا التقرير. كما انخفضت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/ كانون الأول بنسبة 0.3% لتصل إلى 4187.10 دولارًا للأوقية. يعكس هذا التراجع حالة من الحذر السائدة في السوق، حيث ينتظر المستثمرون المزيد من الوضوح بشأن مسار السياسة النقدية الأمريكية.
توقعات خفض الفائدة وتأثيرها على الذهب
تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يقوم مجلس الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل. وفقًا لأداة فيد ووتش التابعة لـ “سي إم إي”، فإن الاحتمالات تشير إلى نسبة 89% لحدوث هذا الخفض. عادةً ما تعتبر أسعار الفائدة المنخفضة محفزًا إيجابيًا لأصول مثل الذهب، التي لا تدر عوائد مباشرة، حيث تقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بها.
سوني كوماري، خبيرة السلع لدى “إيه إن زد”، أشارت إلى أن السوق تحتاج إلى محفز جديد لدفع أسعار الذهب إلى الأعلى. ومع ذلك، أوضحت أن أي هبوط كبير نحو مستوى 4000 دولار قد يجذب المزيد من المشترين، مما يوفر دعمًا للسعر. هذا يشير إلى أن السوق لا تزال متفائلة على المدى الطويل، ولكنها تحتاج إلى إشارة قوية لتأكيد هذا الاتجاه الصعودي.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر التراجع على الذهب فقط، بل امتد ليشمل المعادن النفيسة الأخرى. انخفضت الفضة بنسبة 1.72% لتصل إلى 57.48 دولارًا بعد أن سجلت مستوى قياسيًا مرتفعًا بلغ 58.98 دولارًا في اليوم السابق. كما هبط البلاتين بنسبة 1.8% إلى 1647.50 دولارًا، وانخفض البلاديوم بنسبة 0.61% إلى 1456.67 دولارًا. يعكس هذا الأداء العام ضعفًا في الطلب على المعادن النفيسة، نتيجة للترقب الحذر في الأسواق.
ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات
على صعيد آخر، شهدت أسعار النفط ارتفاعًا اليوم، مدفوعة بمخاوف بشأن الإمدادات بعد الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية للنفط في روسيا. زاد خام برنت بنسبة 0.49% ليصل إلى 62.98 دولارًا، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 0.63% ليصل إلى 59.32 دولارًا.
الهجمات الأوكرانية وتأثيرها على إمدادات النفط
أفادت مصادر في المخابرات العسكرية الأوكرانية بأن أوكرانيا استهدفت خط أنابيب دروجبا النفطي في منطقة تامبوف بوسط روسيا. على الرغم من أن الشركة المشغلة لخط الأنابيب أكدت استمرار تدفق الإمدادات بشكل طبيعي، إلا أن هذه الهجمات أثارت مخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط الروسي. تشير التقارير إلى أن حملة الطائرات المسيرة الأوكرانية على البنية التحتية الروسية أصبحت أكثر استدامة وتنسيقًا، مما أدى إلى انخفاض قدرة المصافي الروسية على معالجة النفط.
تعثر محادثات السلام وتأثيره على الأسعار
بالإضافة إلى ذلك، ساهم تعثر محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا في دعم أسعار النفط. فقد أنهى مبعوثان للرئيس الأميركي دونالد ترامب المحادثات دون تحقيق تقدم ملموس، مما قلل من التوقعات بشأن التوصل إلى اتفاق يعيد ضخ تدفقات النفط الروسي إلى الأسواق العالمية. في الماضي، كانت توقعات إنهاء الحرب تضغط على الأسعار، حيث توقع المتعاملون أن يؤدي أي اتفاق إلى رفع العقوبات عن روسيا والسماح لها باستئناف صادرات النفط.
الخلاصة: ترقب وحذر في أسواق الذهب والنفط
بشكل عام، تشهد أسواق الذهب والنفط حالة من الترقب والحذر. تراجع أسعار الذهب يعكس جني الأرباح والترقب قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي، بينما ارتفاع أسعار النفط يعكس مخاوف بشأن الإمدادات وتأثير الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية الروسية. من المتوقع أن تستمر هذه الحالة من عدم اليقين حتى يتم صدور بيانات اقتصادية مهمة واتخاذ قرارات بشأن السياسة النقدية. ينصح المستثمرين بمتابعة التطورات عن كثب وتقييم المخاطر بعناية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. أسعار الذهب ستظل حساسة لأي تغييرات في السياسة النقدية الأمريكية، بينما أسعار النفط ستتأثر بالتطورات الجيوسياسية في أوكرانيا وروسيا. من المهم أيضًا مراقبة المعادن النفيسة الأخرى مثل الفضة والبلاتين والبلاديوم، حيث يمكن أن توفر رؤى إضافية حول اتجاهات السوق.


