ارتفع سعر الذهب اليوم الاثنين بشكل ملحوظ، مدفوعًا بتراجع قيمة الدولار وتصاعد التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا الأسبوع. هذا التطور أثر أيضًا على أسواق النفط التي شهدت تقلبات في التعاملات الصباحية. يراقب المستثمرون عن كثب هذه التغيرات في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي العالمي.

ارتفاع سعر الذهب: عوامل الدعم والتوقعات المستقبلية

سجل الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعًا بنسبة 0.3% ليصل إلى حوالي 4210 دولارًا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 9:43 بتوقيت غرينتش. في المقابل، تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/كانون الأول إلى 4236.4 دولارًا للأوقية. يعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى ضعف الدولار، مما يجعل الذهب أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى.

تيم ووترر، كبير محللي السوق لدى “كيه سي إم”، أوضح أن بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية لم تُحدث تغييرات كبيرة، مما يعزز توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي هذا الأسبوع. وأضاف: “توقع ظروف التيسير النقدي يدفع الذهب للصعود”. كما أن خفض أسعار الفائدة المتوقع يبقي الدولار تحت السيطرة ويمنح سعر الذهب مساحة للارتفاع.

تأثير البيانات الاقتصادية الأمريكية على أسواق المعادن

أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة تباطؤًا في النمو الاقتصادي. ارتفع إنفاق المستهلكين بشكل معتدل في سبتمبر/أيلول الماضي بعد نمو قوي لثلاثة أشهر متتالية، مما يشير إلى فقدان الزخم في نهاية الربع الثالث. يعزى ذلك إلى ضعف سوق العمل وارتفاع تكاليف المعيشة التي كبحت الطلب.

هذه البيانات جاءت في أعقاب بيانات وظائف القطاع الخاص التي أظهرت أكبر انخفاض في أكثر من عامين ونصف العام الشهر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، عززت التعليقات المتجهة نحو التيسير النقدي من عدد من مسؤولي البنك المركزي الأمريكي التوقعات بخفض أسعار الفائدة.

وفقًا لأداة فيد ووتش التابعة لـ “سي إم إي”، هناك احتمال بنسبة 88% لخفض سعر الفائدة 25 نقطة أساس في اجتماع البنك المركزي الأمريكي يومي 9 و10 ديسمبر/كانون الأول الحالي. أسعار الفائدة المنخفضة عادة ما تدعم الأصول التي لا تدر عوائد مثل الذهب، مما يزيد من جاذبيتها الاستثمارية.

أداء المعادن الأخرى في السوق

بالإضافة إلى الذهب، شهدت المعادن الأخرى أداءً متفاوتًا. ارتفعت الفضة بنسبة 0.2% لتصل إلى 58.4 دولارًا للأوقية، بعد أن سجلت مستوى قياسيًا بلغ 59.32 دولارًا الجمعة الماضي. ومنذ بداية العام وحتى الآن، ارتفعت قيمة الفضة بأكثر من المثلين.

كما ارتفع البلاتين بنسبة 1.1% ليصل إلى 1663.2 دولارًا للأوقية، وتقدم البلاديوم بنسبة 1% ليصل إلى 1476.5 دولارًا للأوقية. هذه التحركات تعكس الطلب المتزايد على المعادن الثمينة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

تقلبات أسعار النفط وتأثير التوقعات الاقتصادية

في الوقت نفسه، شهدت أسعار النفط تقلبات في التعاملات الصباحية، حيث حومت عند أعلى مستوياتها في أسبوعين. يتوقع المستثمرون أن خفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا الأسبوع سيعزز النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يتابعون عن كثب المخاطر الجيوسياسية التي تهدد إمدادات النفط من روسيا وفنزويلا.

ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.22% إلى 63.89 دولارًا للبرميل، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنسبة 0.25% إلى 60.23 دولارًا للبرميل، لكن الخامين عادا ليخسرا من جديد خلال تداولات الصباح. اختتم العقدان جلسة يوم الجمعة الماضي عند أعلى مستوياتهما منذ 18 نوفمبر/تشرين الثاني المنقضي.

المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على سوق النفط

تظهر بيانات مجموعة بورصات لندن أن الأسواق تتوقع الآن بنسبة 84% خفض الفائدة الأمريكية بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع البنك المركزي الأمريكي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين.

في أوروبا، لا يزال التقدم في محادثات السلام الأوكرانية بطيئًا، حيث لا تزال الخلافات حول الضمانات الأمنية لكييف ووضع الأراضي التي سيطرت عليها روسيا دون حل. محللو “إيه إن زد” أشاروا إلى أن نتائج المفاوضات الحالية قد يكون لها تأثير كبير على سوق النفط، وأن أي نتائج مختلفة قد تؤدي إلى تأرجح في إمدادات النفط بأكثر من مليوني برميل يوميًا.

بالإضافة إلى ذلك، تجري مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي محادثات لفرض حظر كامل على الخدمات البحرية ليحل محل سقف الأسعار على صادرات النفط الروسية، مما قد يحد من الإمدادات من ثاني أكبر منتج في العالم. كما كثفت الولايات المتحدة من ضغوطها على فنزويلا، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

الخلاصة: نظرة مستقبلية لأسواق الذهب والنفط

بشكل عام، تشير التطورات الأخيرة إلى أن أسعار الذهب والنفط ستستمر في التذبذب في المدى القصير، متأثرة بالبيانات الاقتصادية الأمريكية، والقرارات المتعلقة بأسعار الفائدة، والتطورات الجيوسياسية. من المتوقع أن يستمر الذهب في الاستفادة من ضعف الدولار وتوقعات خفض أسعار الفائدة، بينما ستظل أسعار النفط حساسة للمخاطر الجيوسياسية والطلب العالمي على الطاقة. يجب على المستثمرين متابعة هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. سعر الذهب اليوم يعكس حالة عدم اليقين السائدة في الأسواق العالمية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version