في لحظة دقيقة يمر بها لبنان، تطفو إلى السطح قضية مالية وقانونية تثير تساؤلات حول مستقبل التزامه بالإصلاح والشفافية، وهي مسألة لا تعني اللبنانيين وحدهم، بل تنعكس مباشرة على ثقة شركائه العرب والدوليين.

فالعقد الذي أبرمه مصرف لبنان مع شركة أمريكية متخصصة في الامتثال المالي أثار اعتراضات رسمية وتشريعية واسعة، وسط اتهامات بمخالفة قانون الشراء العام، وتضارب مصالح قد يضر بصورة لبنان في المحافل الدولية.

هذا الجدل لا يقتصر على الجانب القانوني الداخلي، بل يتصل أيضاً بمدى قدرة لبنان على استعادة ثقة الأسواق العربية، خصوصاً الخليجية، في وقت يحتاج فيه أكثر من أي وقت مضى إلى دعم استثماري وتمويلي خارجي. كما يراقب المجتمع الدولي، مدى التزام بيروت بتطبيق المعايير الصارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

القضية المطروحة اليوم، ليست تفصيلاً إدارياً محلياً، بل اختبار جدي لصورة لبنان أمام شركائه العرب الذين يطالبون بإصلاحات جذرية كشرط أساسي لاستئناف أي دعم اقتصادي.

اللائحة الرمادية

في التفاصيل، وبتاريخ 14 يوليو 2025، أعلن مصرف لبنان المركزي توقيع عقد بقيمة 12 مليون دولار مع إحدى الشركات للمساعدة على إخراج لبنان من «اللائحة الرمادية» لمجموعة العمل المالي. لكن هيئة الشراء العام سارعت إلى الاعتراض، معتبرة أن الظروف الاستثنائية التي سمحت بمثل هذا التعاقد زالت منذ فترة.

هذا الموقف فتح الباب أمام تحرك سياسي لافت، إذ تقدم 25 نائباً بسؤال رسمي إلى الحكومة يطالبون فيه بالكشف عن تفاصيل العقد: كلفته، طبيعته، والجهة التي فوضت المصرف بإبرامه.

مصادر نيابية وحكومية أكدت لـ«عكاظ» أن الاعتراض لا يستهدف الشركة بحد ذاتها، بل غياب الشفافية القانونية في الصفقة، محذرة من أن تتحول إلى سابقة تفتح الباب أمام عقود مشابهة في المستقبل.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version