تتجه أسواق الطاقة والمعادن إلى إنهاء أسبوع متقلب بشكل حاد، في ظل تصاعد التوترات التجارية بعد دخول أحدث حزمة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيز التنفيذ، والتي طالت عشرات الدول والسلع، بما في ذلك واردات الذهب والنفط.

وقد أدى هذا التصعيد إلى تحولات لافتة في حركة الأسعار، مع انخفاض حاد في أسعار النفط، وصعود تاريخي للذهب كملاذ آمن، وفق ما أفادت به وكالة رويترز في تقارير منفصلة.

أكبر خسارة أسبوعية للنفط منذ يونيو/حزيران

وأشارت “رويترز” إلى أن العقود الآجلة لخام برنت تراجعت يوم الجمعة بمقدار 51 سنتا لتصل إلى 65.92 دولارا للبرميل، وهي في طريقها لتسجيل خسارة أسبوعية تتجاوز 4%.

كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 57 سنتا إلى 63.31 دولارا للبرميل، متجهة إلى تكبد خسارة أسبوعية تقترب من 6%.

وأوضحت الوكالة أن هذه التراجعات تمثل أكبر خسارة أسبوعية منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي، مدفوعة بعوامل عدة متزامنة، أبرزها دخول الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة حيز التنفيذ، واحتمالات تخفيف العقوبات عن روسيا.

وقال محللو بنك “إيه إن زد” في مذكرة إن “الرسوم الجمركية أثارت المخاوف من ضعف النشاط الاقتصادي، مما سيؤثر في الطلب على النفط الخام”.

رسائل سياسية تؤثر على السوق

وفي خضم هذه التطورات أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال الأيام المقبلة.

وأثار هذا الإعلان توقعات متزايدة بشأن إمكانية “إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر السبل الدبلوماسية”، وهو ما اعتبرته الأسواق مؤشرا على احتمال تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، وبالتالي زيادة محتملة في الإنتاج الروسي من النفط، بحسب “رويترز”.

وأضافت المحللة المستقلة تينا تينغ للوكالة أن ترامب زاد الضغوط، حيث “هدد في وقت سابق من الأسبوع بفرض رسوم جمركية أعلى على الهند إذا واصلت شراء النفط الروسي”، كما وجّه تهديدا مماثلا إلى الصين أكبر مستورد للنفط الروسي، مما خلق بيئة غير مستقرة في سوق الطاقة.

وتترافق هذه الضغوط مع قرار مجموعة “أوبك بلس” هذا الأسبوع بإلغاء أكبر شريحة من تخفيضات الإنتاج في سبتمبر/أيلول، مما ألقى بثقله على السوق.

وذكرت “رويترز” أن “العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط سجلت انخفاضا للجلسة السادسة على التوالي، وهي أطول سلسلة تراجع منذ أغسطس/آب 2021”.

الذهب يسجل مستوى قياسيا بفعل رسوم سبائك الكيلوغرام

في المقابل، ارتفعت العقود الآجلة للذهب إلى مستويات غير مسبوقة متأثرة بقرار أميركي جديد بفرض رسوم جمركية على واردات سبائك الذهب التي تزن كيلوغراما واحدا، وفقا لتقرير “رويترز”.

وذكرت الوكالة أن “العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/كانون الأول ارتفعت بنسبة 1.1% لتصل إلى 3490.70 دولارا، بعد أن سجلت مستوى قياسيا عند 3534.10 دولارا”.

أما الذهب في المعاملات الفورية فاستقر عند 3397.85 دولارا للأونصة بعد أن بلغ أعلى مستوى له منذ 23 يوليو/تموز الماضي.

ونقلت “رويترز” عن صحيفة فايننشال تايمز أن إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية أرسلت خطابا بتاريخ 31 يوليو/تموز الماضي يفيد بأن “سبائك الذهب التي تزن كيلوغراما و100 أوقية يجب أن تُصنف تحت رمز جمركي يخضع لرسوم أعلى”، وهو ما قد يؤثر مباشرة على سويسرا أكبر مركز لتنقية الذهب في العالم.

وقال برايان لان المدير الإداري في “غولد سيلفر سنترال” بسنغافورة إن “الرسوم الجمركية على سبائك الذهب ستسفر عن خلل، وقد انعكس ذلك على الأسعار هذا الصباح” في ظل اضطرابات التداول وانخفاض السيولة.

الذهب ملاذ المستثمرين وسط الضبابية

وأشارت “رويترز” إلى أن الذهب لا يزال يتجه لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي مدفوعا بعاملين: الاضطرابات التجارية الناتجة عن الرسوم، وتوقعات خفض الفائدة الأميركية.

وتوقعت السوق -وفق أداة “فيد ووتش” التابعة لـ”سي إم إي”- بنسبة 91% أن يخفض مجلس الاحتياطي الفدرالي الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل.

Gold, Platinum and silver - close-up

وتعليقا على ذلك، قالت الوكالة إن الذهب يُنظر إليه تقليديا على أنه “ملاذ آمن للاحتفاظ بالقيمة في أوقات الضبابية السياسية والاقتصادية”، مشيرة إلى أن البيانات الأميركية الأخيرة بشأن سوق العمل عززت الرهانات على خفض الفائدة.

أما في سوق المعادن الأخرى فسجلت الفضة تراجعا بنسبة 0.3% إلى 38.20 دولارا للأونصة، في حين ارتفع البلاتين 0.7% إلى 1343.64 دولارا، واستقر البلاديوم عند 1150.94 دولارا، بحسب ما أوردته “رويترز”.

اقتصاد عالمي مأزوم تحت سيف الرسوم

وتشير مجمل التطورات إلى بيئة اقتصادية مضطربة بفعل السياسات الجمركية التصعيدية للرئيس ترامب، والتي بدأت تترك أثرا واضحا على الأسواق العالمية.

فبينما تنخفض أسعار النفط تحت وطأة توقعات بتراجع الطلب وزيادة العرض يرتفع الذهب بوصفه ملاذا في خضم الضبابية، وهو ما يعكس هشاشة الوضع التجاري العالمي وانعدام الثقة في استقرار العلاقات الاقتصادية الدولية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version