يشهد موسم حج هذا العام تحولات اقتصادية لافتة، سواء على صعيد الأفراد أو الدول الإسلامية، وسط سعي واضح من السلطات لتخفيف الأعباء المالية على الحجاج، وتوسيع نطاق الوصول عبر برامج دفع مرنة، في وقت لا تزال فيه التكلفة الإجمالية تشكل عائقا أمام ملايين المسلمين.

وتتراوح تكلفة الحج في عام 2025 بين 4 آلاف و20 ألف دولار، وذلك وفقا لـ:

  • نوع الخدمة المقدمة.
  • مدة الإقامة.
  • بلد الإرسال.

وتعد هذه الأرقام مرتفعة نسبيا مقارنة بقدرة شرائح واسعة من المسلمين، مما دفع حكومات مثل باكستان والسعودية إلى إدخال نظم تقسيط للمدفوعات بهدف التيسير.

تقسيط تكلفة الحج

وفي سابقة مهمة، تبنّت باكستان برنامجا يسمح للحجاج بدفع رسومهم على 3 دفعات.

وصرح المواطن الباكستاني زهير أحمد لصحيفة إيكونوميك تايمز قائلا “قدّمت طلب الحج في ديسمبر/كانون الأول، وسددت دفعة مقدمة، ثم دفعت المتبقي في فبراير/شباط، لولا هذا البرنامج لما استطعت أداء الفريضة إطلاقا”.

بدورها، طبقت السعودية نظاما مشابها على الحجاج المحليين:

  • %20 من التكلفة خلال 72 ساعة من الحجز.
  • %40 في شهر رمضان.
  • %40 في الشهر التالي.

وتشير هذه الخطوات إلى رغبة في فتح باب الحج لعدد أكبر من الراغبين، دون التضحية بالقدرة الاقتصادية.

ضغط التكاليف يقلل الإقبال

ورغم تخصيص 127 ألف تأشيرة حج لبنغلاديش هذا العام فإن البلاد لم تتمكن من ملء الحصة، وفقا للأمين العام لاتحاد وكالات الحج البنغالية فريد أحمد مجمدر الذي أشار إلى أن السبب الرئيسي هو ارتفاع التكاليف وعدم قدرة المواطنين على تغطيتها، حتى مع الحوافز الحكومية.

وتعاني دول إسلامية أخرى مثل إندونيسيا من قوائم انتظار طويلة تجاوزت 5.4 ملايين شخص، في حين فرضت الهند قيودا على من أدوا الحج مسبقا عبر لجنة الحج الوطنية، في محاولة لإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المواطنين.

سوق الحج والبعد الاقتصادي

وبحسب “إيكونوميك تايمز”، يمثل موسم الحج أحد أبرز المواسم الاقتصادية الموسمية في السعودية والعالم الإسلامي عموما، ويدر الحج -حسب تقديرات مستقلة- مليارات الدولارات سنويا من الخدمات المباشرة وغير المباشرة، مثل:

  • النقل الجوي والبري.
  • الإقامة.
  • خدمات الإعاشة والإرشاد.
  • التأمين والخدمات الصحية.
  • التحويلات البنكية ووسائل الدفع.

لكن هذه السوق تواجه هذا العام ضغطا مزدوجا يتمثل في ارتفاع التكاليف التشغيلية، وتراجع القدرة الشرائية للحجاج في ظل التضخم العالمي وتدهور العملات في دول إسلامية عدة.

أبعاد تنظيمية

وفي أبريل/نيسان 2025 أوقفت السعودية إصدار التأشيرات قصيرة المدى لـ14 دولة، وبررت السلطات هذا الإجراء بالرغبة في تنظيم الحركة وتقليص أعداد الحجاج غير المسجلين الذين لا يمكنهم الوصول إلى المرافق الأساسية مثل أماكن الإقامة المكيفة.

وكانت وزارة الداخلية السعودية قد أعلنت في مايو/أيار الماضي أن دخول مكة دون تأشيرة حج نظامية سيعرّض المخالفين لغرامة تصل إلى 20 ألف ريال سعودي (نحو 5330 دولارا).

وأكدت الوزارة أن نسبة كبيرة من وفيات الحج في العام الماضي كانت بين من دخلوا مكة بطرق غير نظامية دون تسجيل رسمي، وبالتالي لم يتمكنوا من الاستفادة من البنى التحتية الصحية واللوجستية.

تحديات مناخية

من ناحية أخرى، تشكل الظروف المناخية القاسية تهديدا مباشرا على صحة الحجاج وكفاءة البنية التحتية، وقد سُجلت العام الماضي أكثر من 1300 وفاة بسبب الحرارة التي تجاوزت 47 درجة مئوية، في حين تتراوح الحرارة هذا العام بين 41 و44 درجة منذ بداية يونيو/حزيران الجاري.

وهذه الظروف تجبر السلطات على الاستثمار في تجهيزات إضافية، مثل توزيع مجموعات طبية توعوية وتحديث شبكات الإسعاف، وهو ما يحمّل الاقتصاد المحلي تكاليف إضافية لتأمين السلامة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version