واحة كاو في تشاد، جوهرة الصحراء المهددة بالزوال، هي محور هذا المقال. تتحدث الصحفية جولي بوردان في الغارديان عن هذه الواحة التي تبدو كجزيرة خضراء وسط بحر من الرمال، ولكنها تواجه خطرًا وجوديًا بسبب زحف الكثبان الرملية وتغير المناخ. هذا المقال يسلط الضوء على الوضع الحرج الذي تمر به واحات تشاد، وكيف يؤثر ذلك على حياة السكان المحليين، مع التركيز على واحة كاو كمثال حي.

واحات تشاد: تاريخ من الحياة في مواجهة الصحراء

لطالما كانت الواحات في تشاد شريان الحياة للمجتمعات التي تعيش في قلب الصحراء الكبرى. عبر التاريخ، وفرت هذه البقع الخضراء المياه والغذاء والمأوى، مما سمح للبشر بالازدهار في بيئة قاسية. لكن هذه الواحات، التي كانت تعتبر مستقرة نسبيًا، بدأت تختفي بوتيرة متسارعة، خاصة في ظل التغيرات المناخية الحادة التي تشهدها البلاد. تشاد ترتفع فيها درجات الحرارة بمعدل يقارب ضعف المتوسط العالمي، مما يجعلها من بين الدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ و الصحراء الزاحفة.

واحة كاو: قصة صمود وتحدي

واحة كاو، الواقعة في إقليم كانيم غرب تشاد، ليست استثناءً. السكان المحليون يتذكرون أيامًا كانت فيها المنطقة خصبة، مليئة بالأشجار والمراعي والماشية. الآن، المناخ الحار والجاف قد قضى على معظم الغطاء النباتي، والرياح القوية تدفع الرمال نحو الوادي، مهددةً دفنه بالكامل.

يؤكد الزعيم المحلي محمد سليمان عيسى أن بقاء الأهالي مرتبط بشكل وثيق ببقاء هذه الواحة. فهي مصدر المياه والغذاء الوحيد لهم، وأي تهديد لها يعني تهديدًا مباشرًا لحياتهم. أكثر من 500 أسرة تعتمد على واحة كاو، بالإضافة إلى حوالي 100 مزارع يزرعون محاصيل متواضعة ويجمعون التمور من نخيلهم القليل المتبقي.

جهود المقاومة: مبادرات محدودة الأثر

الأهالي يبذلون قصارى جهدهم لمقاومة زحف الرمال، وذلك ببناء حواجز مؤقتة من سعف النخيل. في عام 2023، قدمت منظمة “سوس الساحل” دعمًا قيمًا من خلال إنشاء نظام ري يعمل بالطاقة الشمسية وتدريب السكان على تقنيات زراعية جديدة.

ومع ذلك، لم يدم هذا الدعم طويلًا. توقف التمويل بعد ستة أشهر فقط، مما أعاد الأهالي إلى نقطة البداية، يواجهون الخطر وحدهم. هذه التجربة تسلط الضوء على أهمية الدعم المستمر والمستدام للحفاظ على هذه الواحات.

الهجرة والبحث عن بدائل

الظروف القاسية في واحة كاو دفعت العديد من الشباب إلى الهجرة نحو مناجم الذهب في منطقة تيبستي الشمالية، بحثًا عن فرص عمل أفضل. لكن هذه المناجم غالبًا ما تكون مصادر للاستغلال والعمل القسري والمخاطر الصحية.

بعض هؤلاء الشباب عادوا لفترة وجيزة بعد بدء مشروع “سوس الساحل”، على أمل مستقبل أفضل في قريتهم. لكن توقف المشروع سرعان ما أعادهم إلى المناجم، مما يؤكد هشاشة فرص البقاء في القرى الزراعية. تقول هيريتا أبكر عيسى، وهي أم لسبعة أطفال، إنهم بدأوا بزراعة خضروات جديدة مثل الباميا والطماطم، لكنها تخشى أن الرمال ستغلبهم في النهاية، مما سيضطرهم إلى الرحيل.

نموذج باركادروسو: أمل في الاستدامة

على الرغم من الوضع القاتم في واحة كاو، هناك بصيص من الأمل في تجربة واحة باركادروسو المجاورة. فقد أثبت الدعم المستمر فعاليته في الحفاظ على هذه الواحة. مضخة مياه شمسية تم تركيبها في عام 2014 لا تزال تعمل بكفاءة، وتدعم أكثر من 300 مزارع وتوفر الغذاء لنحو 3000 شخص.

تنتشر في باركادروسو حقول البصل والخس والدخن حول بحيرة فيروزية وغابة نخيل وموز، مما يبرهن على أن الاستثمار طويل الأمد يمكن أن يحافظ على الواحات ويمنع النزوح. هذه التجربة تقدم درسًا قيمًا حول أهمية التخطيط المستدام والدعم المالي المستمر.

مستقبل معلق بين الرمال واليأس

عمر عيسى، الذي عمل خمس سنوات في مناجم الذهب قبل أن يعود إلى قريته بعد سماعه بمشاريع “سوس الساحل”، يعبر عن قلقه العميق. يقول إنه إذا توقف الدعم مرة أخرى، فقد يضطر إلى العودة إلى المناجم، ويخشى أن يضطر أبناؤه إلى الرحيل إذا استمرت الواحة في التقلص.

إن مستقبل هذه المجتمعات الصحراوية في تشاد معلق بين خطر زحف الرمال وغياب الدعم المستمر. الحفاظ على واحات تشاد ليس مجرد مسألة بيئية، بل هو مسألة بقاء وإنسانية. يتطلب الأمر جهودًا متضافرة من الحكومة والمنظمات الدولية والمجتمع المحلي لضمان استدامة هذه الواحات وحماية حياة السكان الذين يعتمدون عليها. يجب أن يكون التركيز على توفير الدعم المالي والتقني المستمر، وتعزيز التقنيات الزراعية المستدامة، وتمكين المجتمعات المحلية من إدارة مواردها بشكل فعال.

للمزيد من المعلومات حول التحديات البيئية في تشاد، يمكنكم زيارة [رابط لمصدر معلومات موثوق حول البيئة في تشاد – سيتم إضافته عند النشر]. شاركوا هذا المقال لزيادة الوعي حول هذا الموضوع الهام.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version