في أعقاب الأحداث المأساوية في قطاع غزة، تتصاعد المخاوف بشأن مستقبل إعادة الإعمار، خاصةً مع الكشف عن خطط مثيرة للجدل تتضمن أرباحًا طائلة لشركات مرتبطة بإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. هذا التقرير يكشف تفاصيل هذه الخطة، والتنافس المحتدم عليها، والانتقادات التي واجهتها، مع التركيز على كلمة إعادة إعمار غزة كعنوان رئيسي للموضوع.

خطة “إعادة إعمار غزة” تثير الجدل: صفقات بمليارات الدولارات قيد الإعداد

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن خطة مثيرة للجدل تهدف إلى إدارة عملية إعادة إعمار غزة من خلال تعيين “متعهد رئيسي” مسؤول عن توريد المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية. وتثير هذه الخطة تساؤلات حول أولويات الإدارة، حيث تشير الوثائق إلى إمكانية تحقيق أرباح مالية ضخمة من خلال فرض رسوم على الشاحنات الداخلة إلى القطاع.

الخطة تقترح فرض رسم قدره ألف دولار على كل حمولة إنسانية، و12 ألف دولار على الشاحنات التجارية، مما قد يرفع إيرادات المتعهد السنوي إلى 1.7 مليار دولار، فقط من رسوم الشاحنات. هذا الأمر يثير قلقًا بالغًا حول إمكانية استغلال الوضع الإنساني في غزة لتحقيق مكاسب مالية.

المسؤولون عن الخطة: أسماء بارزة وصراعات محتملة

يشرف على هذه الخطة كل من جوش غرونباوم (39 عامًا) وآدم هوفمان (25 عامًا)، وهما مسؤولان سابقان في وزارة الكفاءة الحكومية، ولديهما صلات قوية بالقيادة المحافظة. يعملان تحت إشراف فريق أنشأه ترامب للعمل على ملف غزة، بقيادة صهره جاريد كوشنر ومبعوثه الخاص ستيف وويتكوف، وذلك ريثما يبدأ عمل “مجلس السلام”.

آدم هوفمان، خريج جامعة برينستون، يبرز كشخصية رئيسية في هذه الخطة. تاريخه كنشاط سياسي محافظ، وتطوعه مع حاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت، وعمله لفترة وجيزة في إدارة ترامب، يثير تساؤلات حول مدى حيادية هذه الخطة، وهل تهدف حقًا إلى خدمة الشعب الفلسطيني أم إلى تحقيق مصالح سياسية ومالية.

دور “مجلس السلام” وتأثيره على عملية الإعمار

لا يزال مستقبل دور الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية غير واضح في ظل هذه الخطة، خاصةً مع سيطرة إسرائيل على تصاريح الدخول لجميع الجهات العاملة في غزة، بما في ذلك الشركات الربحية الساعية للعمل مع “مجلس السلام”. هذا الوضع يثير مخاوف بشأن إمكانية تقويض دور المؤسسات الإنسانية التقليدية، واستبدالها بكيانات تركز بشكل أكبر على الربح.

انتقادات واسعة النطاق: “تخطيط معيب وساذج”

واجهت الخطة انتقادات حادة من مختلف الأطراف. وصفها آمِد خان، وهو فاعل خير أمريكي يدير “مؤسسة آمِد خان” ويوصل الأدوية إلى غزة، بأنها “معيبة وساذجية”، مؤكدًا أن “لا أحد من هؤلاء إنسانيون أو لديهم خلفيات في العمل الإنساني”. وأضاف أن الخطط لا تتضمن زيادة في الأدوية أو المعدات الطبية، مما يشير إلى أنها لا تعطي الأولوية للاحتياجات الإنسانية الأساسية.

كما عبر مقاول مخضرم مطلع على العملية عن قلقه، قائلاً: “الجميع يحاولون تحقيق أرباح، ويتعاملون مع الأمر كما لو كانت غزة العراق أو أفغانستان”. هذا التصريح يسلط الضوء على المخاوف من أن يتم التعامل مع إعادة إعمار غزة كفرصة استثمارية بحتة، بدلاً من جهد إنساني يهدف إلى تخفيف معاناة السكان.

انسحاب شركة “غوثامز” وتوضيح البيت الأبيض

بعد الكشف عن الخطة، انسحبت شركة “غوثامز”، التي ساعدت في تشغيل سجن التمساح ألكتراز، من المنافسة على العقد، خوفًا من عواقب أمنية وأضرار لسمعتها.

في ردها على تقرير الغارديان، قالت المتحدثة باسم فريق عمل البيت الأبيض إيدي فاسكيز إن التقرير “يظهر جهلاً جوهريًا بكيفية عمل فريق غزة”، وأكدت أنهم في مراحل التخطيط الأولى، وأن العديد من الأفكار والمقترحات قيد النقاش دون اتخاذ قرارات نهائية. ومع ذلك، لم تقدم المتحدثة أي تفاصيل ملموسة حول كيفية ضمان أن عملية إعادة إعمار غزة ستكون شفافة وفعالة، وستعطي الأولوية للاحتياجات الإنسانية للسكان.

مستقبل إعادة الإعمار: تحديات وفرص

مع تضرر أو تدمير 3 أرباع مباني غزة، تُقدر الأمم المتحدة جهود إعادة الإعمار بـ70 مليار دولار. هذا المبلغ الضخم يمثل فرصة كبيرة لشركات البناء واللوجستيات والنقل، ولكنه أيضًا يثير مخاوف بشأن الفساد والاستغلال.

إن ضمان أن عملية إعادة إعمار غزة تتم بطريقة شفافة ومسؤولة، وتعطي الأولوية للاحتياجات الإنسانية للسكان، يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا، ومشاركة فعالة من المؤسسات الإنسانية التقليدية، ورقابة صارمة على الشركات العاملة في القطاع. يجب أن تكون الأولوية القصوى هي تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وإعادة بناء حياتهم، وليس تحقيق أرباح طائلة على حسابهم.

هل ستنجح هذه الخطة في تحقيق الاستقرار والازدهار في غزة؟ أم ستكون مجرد فصل آخر في قصة طويلة من الصراعات والمصالح المتضاربة؟ الإجابة على هذا السؤال ستتحدد في الأشهر والسنوات القادمة، وستعتمد على مدى التزام جميع الأطراف المعنية بمبادئ الشفافية والمساءلة والإنسانية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version