أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في تصريحات حادة، رفضه إجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفًا أي محاولة للتواصل معه بأنها ستكون «إذلالًا» له، وذلك على خلفية فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة بنسبة 50% على السلع البرازيلية بدءًا من يوم الأربعاء 6 أغسطس 2025.

وأضاف لولا في مقابلة أجرتها وكالة «رويترز» في مقر إقامته الرئاسي في برازيليا، أن البرازيل لن ترد بفرض رسوم جمركية مضادة على المنتجات الأمريكية، لكنه شدد على أن حكومته لن تتخلى عن المحادثات على مستوى الوزراء لمعالجة الأزمة، قائلا: «في اليوم الذي يخبرني فيه حدسي بأن ترمب مستعد للتحدث، لن أتردد في الاتصال به، لكنني اليوم أظن أنه لا يريد التحدث، ولن أقوم بإذلال نفسي».

ووصف الرئيس البرازيلي العلاقات بين الولايات المتحدة والبرازيل بأنها في أدنى مستوياتها منذ 200 سنة بعدما ربط ترمب الرسوم الجمركية الجديدة بمطالبته بإنهاء محاكمة الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو الذي يمثُل للمحاكمة بتهمة التخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022، مضيفا: «كنا قد عفونا عن التدخل الأمريكي في انقلاب 1964. لكن هذا التدخل ليس بالأمر الهين. رئيس الولايات المتحدة يظن أنه يستطيع إملاء القواعد على دولة ذات سيادة مثل البرازيل. هذا أمر غير مقبول».

وتأتي تصريحات لولا في سياق تصاعد التوترات بين البرازيل والولايات المتحدة، حيث أعلن ترمب في وقت سابق فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50% على الواردات البرازيلية، اعتبارًا من 1 أغسطس، ربطًا بمطالبته بإنهاء محاكمة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، حليف ترمب السياسي، الذي يواجه اتهامات بالتخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022.

واعتبر لولا هذه الإجراءات بمثابة «ابتزاز مرفوض»، مؤكدًا أن البرازيل دولة ذات سيادة لن تقبل التدخل الأجنبي في شؤونها القضائية أو السياسية، وفي خطاب متلفز، وصف لولا تدخل ترمب بأنه «غير مقبول»، مشيرًا إلى أن المحكمة العليا البرازيلية، التي تنظر في قضية بولسونارو، لن تأخذ بعين الاعتبار مطالب ترمب، وأن الرئيس السابق يستحق المحاكمة بتهمة «الخيانة الوطنية».

وأعلن لولا أن حكومته ستركز على تدابير محلية للتخفيف من الآثار الاقتصادية للرسوم الجمركية، مع الحفاظ على «المسؤولية المالية»، كما كشف خططه للاتصال بزعماء دول مجموعة البريكس (الصين والهند وغيرهما) لمناقشة رد مشترك محتمل على السياسات الأمريكية، مما يعكس إستراتيجية البرازيل لتعزيز التعاون مع الدول النامية لمواجهة الضغوط الاقتصادية.

وتاريخيًا، شهدت العلاقات بين البرازيل والولايات المتحدة تقلبات، حيث كانت أكثر دفئًا خلال ولاية بولسونارو بسبب تقاربه السياسي مع ترمب، لكن مع تولي لولا، الزعيم اليساري الذي يدافع عن السيادة الوطنية والتعددية، اتخذت العلاقات منحى متوترًا، خصوصا مع إجراءات ترمب الأخيرة التي شملت أيضًا عقوبات على قاضي المحكمة العليا البرازيلية ألكسندر دي مورايس، المسؤول عن قضية بولسونارو.

وقد أثارت الرسوم الجمركية احتجاجات شعبية في مدن برازيلية، حيث نظم اتحاد الطلاب الوطني مظاهرات أمام السفارة الأمريكية وقنصلياتها، رافعين شعارات مثل «ترمب عدو الشعب»، و«البرازيل دولة ذات سيادة»، وأشار لولا إلى أن بلاده ستستخدم منظمة التجارة العالمية للدفاع عن مصالحها، مما يشير إلى احتمال تصعيد قانوني للأزمة.

وتستهدف الرسوم الجمركية الأمريكية مجموعة واسعة من المنتجات البرازيلية، باستثناء بعض القطاعات مثل عصير البرتقال والطيران المدني، مما يخفف جزئيًا من تأثيرها الاقتصادي، ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تهدد الصادرات البرازيلية، التي تشكل الولايات المتحدة سوقًا رئيسية لها، خصوصا في مجالات الزراعة والمعادن.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version