في تطور لافت يعكس قصة نجاح الجالية اليمنية في الولايات المتحدة، كشفت السفارة الأمريكية في اليمن عن حقيقة مثيرة: يمتلك أمريكيون من أصول يمنية نسبة كبيرة ومؤثرة من متاجر البقالة في مدينة نيويورك، تصل إلى 50% في بعض الأحياء. هذا الانتشار الملحوظ يعكس مساهمة هذه الجالية في الاقتصاد الأمريكي، ويبرز دورها في دعم المجتمعات المحلية وتوفير فرص العمل. هذا المقال سيتناول بالتفصيل هذه الظاهرة، وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى التركيبة السكانية للجالية اليمنية في أمريكا وتحدياتها.
انتشار واسع: الأمريكيون اليمنيون يسيطرون على نصف متاجر البقالة في نيويورك
أعلنت السفارة الأمريكية في اليمن، عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، أن الأمريكيين من أصول يمنية يمتلكون ما يقارب 50% من متاجر البقالة في مدينة نيويورك، وخاصة في حي بروكلين المعروف بتنوعه السكاني. هذا الرقم المذهل لم يكن معروفًا على نطاق واسع، ويثير التساؤلات حول العوامل التي ساهمت في هذا النجاح.
هذا الانتشار ليس مجرد رقم اقتصادي، بل هو دليل على اندماج الجالية اليمنية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي الأمريكي. فمن خلال امتلاكهم وإدارة هذه المتاجر، يساهمون بشكل مباشر في توفير السلع الأساسية للمجتمعات المحلية، وخلق فرص عمل للعديد من الأمريكيين.
دور المتاجر في دعم المجتمعات المحلية
تعتبر متاجر البقالة الصغيرة والمتوسطة جزءًا حيويًا من المجتمعات المحلية، فهي توفر الراحة والسهولة في الحصول على الاحتياجات اليومية. الأمريكيون اليمنيون، من خلال إدارة هذه المتاجر، يحرصون على تقديم خدمة ممتازة، وتلبية احتياجات السكان المحليين، مما يعزز روح المجتمع ويساهم في بنائه. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تكون هذه المتاجر نقطة التقاء اجتماعية، حيث يتفاعل السكان مع بعضهم البعض.
التركيبة السكانية للجالية اليمنية في الولايات المتحدة
تعتبر الجالية اليمنية في الولايات المتحدة من الجاليات الصاعدة، حيث شهدت نموًا ملحوظًا في العقود الأخيرة. تتوزع هذه الجالية في مختلف الولايات، ولكنها تتركز بشكل خاص في ولايتي نيويورك وميشيغان.
تتراوح التقديرات حول عدد الأمريكيين من أصول يمنية بين 91 ألفًا و 200 ألف شخص، وفقًا لمصادر مختلفة. يعود هذا التباين في الأرقام إلى صعوبة تحديد الأصول العرقية والإثنية بدقة، بالإضافة إلى اختلاف طرق جمع البيانات. ومع ذلك، تشير جميع التقديرات إلى أن الجالية اليمنية تمثل قوة اقتصادية واجتماعية متنامية في الولايات المتحدة.
أبرز التجمعات اليمنية في أمريكا
كما ذكرنا سابقًا، تتمركز الجالية اليمنية بشكل رئيسي في مدينتي بروكلين (نيويورك) وديربورن (ميشيغان). في بروكلين، يشتهر حي “شييبسي كوند” (Sheepshead Bay) بوجود عدد كبير من المتاجر التي يملكها ويشغلها يمنيون أمريكيون. أما في ديربورن، فهي موطن لمجتمع عربي كبير، بما في ذلك عدد كبير من اليمنيين الذين يساهمون في التنوع الثقافي والاقتصادي للمدينة. توجد أيضًا تجمعات يمنية متنامية في ولايات أخرى مثل أوهايو وتكساس وكاليفورنيا.
أسباب نجاح الأمريكيين اليمنيين في قطاع متاجر البقالة
هناك عدة عوامل ساهمت في نجاح رواد الأعمال اليمنيين في قطاع متاجر البقالة في الولايات المتحدة. أحد أهم هذه العوامل هو ثقافة العمل الجادة والمثابرة التي يتمتع بها أفراد الجالية. بالإضافة إلى ذلك، يشتهر اليمنيون بحسهم التجاري القوي وقدرتهم على إدارة الأعمال بكفاءة.
علاوة على ذلك، لعبت شبكات الدعم الاجتماعي القوية داخل الجالية دورًا حاسمًا في تسهيل عملية تأسيس وإدارة هذه المتاجر. غالبًا ما يتشارك أفراد الجالية الخبرات والمعرفة والموارد المالية، مما يزيد من فرص نجاحهم. كما أنهم يحرصون على دعم بعضهم البعض في مواجهة التحديات والصعوبات.
التحديات التي تواجه الجالية اليمنية في أمريكا
على الرغم من النجاحات التي حققتها الجالية اليمنية في الولايات المتحدة، إلا أنها لا تزال تواجه بعض التحديات. من بين هذه التحديات، صعوبة الحصول على التمويل اللازم لتأسيس وتوسيع الأعمال، بالإضافة إلى التمييز العنصري والتحيز الثقافي في بعض الأحيان. كما أن بعض أفراد الجالية يواجهون صعوبات في تعلم اللغة الإنجليزية والتكيف مع الثقافة الأمريكية.
ومع ذلك، فإن الجالية اليمنية تتميز بقدرتها على التغلب على هذه التحديات، والمضي قدمًا نحو تحقيق المزيد من النجاحات. فهي مجتمع حيوي ومتماسك، يحرص أفراده على الحفاظ على هويتهم الثقافية، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولأجيالهم القادمة.
مستقبل الجالية اليمنية في الاقتصاد الأمريكي
من المتوقع أن يستمر دور الجالية اليمنية في النمو والتطور في الاقتصاد الأمريكي. فمن خلال استمرارهم في امتلاك وإدارة متاجر البقالة وغيرها من الأعمال التجارية، سيساهمون في خلق المزيد من فرص العمل، وتعزيز النمو الاقتصادي، ودعم المجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجيل الثاني والثالث من الأمريكيين اليمنيين يظهر اهتمامًا متزايدًا بالتعليم العالي والمشاركة في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يبشر بمستقبل واعد لهذه الجالية. إن قصة نجاح الأمريكيين من أصل يمني هي شهادة على قوة الإرادة والعمل الجاد، وقدرة المهاجرين على المساهمة في بناء مجتمعاتهم الجديدة.



