العلاقة بين انقطاع النفس الانسدادي النومي والصحة النفسية: دراسة كندية تكشف عن مخاطر متزايدة

تشير دراسة كندية حديثة إلى وجود صلة قوية بين انقطاع النفس الانسدادي النومي ومشاكل الصحة النفسية، خاصة لدى البالغين في منتصف العمر وكبار السن. هذه الحالة، التي تتميز بتوقف التنفس بشكل متكرر أثناء النوم، ليست مجرد مشكلة تتعلق بالتنفس، بل يمتد تأثيرها ليشمل جوانب متعددة من الصحة العامة، بما في ذلك الصحة العقلية. وتأتي هذه النتائج لتسلط الضوء على أهمية الفحص المبكر والتدخل العلاجي الشامل لهذه المشكلة المتنامية.

ما هو انقطاع النفس الانسدادي النومي؟

انقطاع النفس الانسدادي النومي، أو اختناق النوم كما يُعرف شعبياً، هو اضطراب يحدث عندما ينخفض أو يتوقف تدفق الهواء بشكل متكرر أثناء النوم. يحدث ذلك بسبب ارتخاء عضلات الحلق، مما يؤدي إلى انسداد مجرى الهواء. يتميز هذا الاضطراب بالشخير العالي، وتوقف التنفس الملحوظ أثناء النوم، مما يؤدي إلى حالة من الإرهاق الشديد خلال النهار. يُقدر عدد البالغين الذين يعانون من هذه الحالة عالمياً بحوالي 936 مليون شخص، إلا أن نسبة كبيرة منهم – تصل إلى 90% – لا يتم تشخيصهم.

نتائج الدراسة الكندية: زيادة خطر الاضطرابات النفسية

قام فريق بحثي بقيادة الدكتورة تيتيانا كيندزيرسكا من معهد أبحاث مستشفى أوتاوا بإجراء دراسة شملت أكثر من 30,000 شخص في كندا. أظهرت النتائج أن الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي لديهم احتمالية أكبر بنسبة تصل إلى 40% للإصابة باضطرابات نفسية، سواء عند بدء الدراسة أو خلال فترة المتابعة. والأكثر إثارة للقلق هو أن الخطر المتزايد للإصابة بالاضطرابات النفسية المرتبطة بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي استمر في الارتفاع بنسبة 44% مع مرور الوقت. هذه البيانات تؤكد العلاقة الوثيقة بين اضطرابات النوم والصحة العقلية.

أعراض انقطاع النفس الانسدادي النومي: ما الذي يجب أن تنتبه إليه؟

من المهم التعرف على أعراض انقطاع النفس الانسدادي النومي حتى يمكن طلب المساعدة الطبية في الوقت المناسب. تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

  • الشخير بصوت عال: يعتبر الشخير من أبرز العلامات، ولكنه ليس بالضرورة مؤشراً على وجود الحالة.
  • تنفس متقطع: لاحظ وجود فترات صمت أثناء النوم تليها أنفاس عميقة ومجهدة.
  • الاستيقاظ المفاجئ: قد يستيقظ الشخص بشكل مفاجئ مع شعور بالاختناق.
  • التعرق الليلي: التعرق الغزير أثناء النوم.
  • التبول المتكرر: الحاجة المتكررة للتبول أثناء الليل.
  • الإرهاق الشديد خلال النهار: الشعور بالتعب والإرهاق المستمر على الرغم من الحصول على قسط كاف من النوم.

عوامل الخطر المرتبطة بانقطاع النفس الانسدادي النومي

هناك عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي، بما في ذلك:

  • زيادة الوزن والسمنة: تزيد من تراكم الدهون حول الرقبة، مما يضيق مجرى الهواء.
  • الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة بالمرض مقارنة بالنساء.
  • العمر: يزداد خطر الإصابة مع التقدم في العمر.
  • محيط الرقبة الكبير: خاصة لدى الرجال.
  • استخدام المهدئات: مثل أقراص النوم والكحول.
  • العوائق التشريحية: مثل اللوزتين الكبيرتين أو انحراف الحاجز الأنفي.
  • التدخين: يزيد من التهاب مجرى الهواء.
  • التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي للإصابة بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي.

مضاعفات انقطاع النفس الانسدادي النومي: أكثر من مجرد تعب

إذا ترك انقطاع النفس الانسدادي النومي دون علاج، فقد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، بما في ذلك:

  • ارتفاع ضغط الدم: يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
  • أمراض القلب: مثل عدم انتظام ضربات القلب والنوبات القلبية.
  • السكتة الدماغية: نتيجة لارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.
  • داء السكري من النوع الثاني: يزيد من مقاومة الأنسولين.
  • حوادث السيارات: بسبب النعاس الشديد أثناء القيادة. تشير الإحصائيات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النفس النومي هم أكثر عرضة لحوادث السيارات بمقدار 12 مرة.

أهمية التشخيص المبكر والعلاج المتكامل

تؤكد هذه الدراسة على أهمية دمج فحص انقطاع النفس الانسدادي النومي في الرعاية الصحية الأولية، خاصة بالنسبة للأفراد الذين يعانون من عوامل الخطر المذكورة. العلاج المتكامل، الذي يشمل تغييرات في نمط الحياة (مثل فقدان الوزن والإقلاع عن التدخين) والعلاج بالأجهزة (مثل جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر CPAP)، يمكن أن يحسن بشكل كبير من الصحة النفسية والجسدية للمرضى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد العلاج النفسي في معالجة أي مشاكل صحية نفسية موجودة مسبقًا أو تلك التي نشأت نتيجة لـ انقطاع النفس الانسدادي النومي.

الخلاصة

إن العلاقة بين انقطاع النفس الانسدادي النومي والصحة النفسية علاقة معقدة ومتشابكة. تُظهر الدراسة الكندية أن هذه الحالة ليست مجرد مشكلة في التنفس، بل هي عامل خطر كبير للاضطرابات النفسية. من خلال زيادة الوعي بأعراض وعوامل الخطر، وتشجيع التشخيص المبكر والعلاج المتكامل، يمكننا المساعدة في تحسين حياة ملايين الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب. إذا كنت تشك في أنك قد تكون مصابًا بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي، فلا تتردد في استشارة طبيبك.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version