خطر فقدان السمع لدى مرضى السكري من النوع الثاني: دراسة تكشف عن ارتباط مقلق

أظهرت دراسة حديثة ومفصلة أن مرضى السكري من النوع الثاني أكثر عرضة للإصابة بفقدان السمع، وهي حالة صحية غالبًا ما يتم تجاهلها أو عدم فحصها بشكل روتيني. هذا الاكتشاف يثير قلقًا بالغًا نظرًا للانتشار المتزايد لمرض السكري عالميًا، ويؤكد على أهمية الرعاية الصحية الشاملة لهذه الفئة من المرضى. تستعرض هذه المقالة تفاصيل الدراسة، الأسباب المحتملة لهذا الارتباط، وكيف يمكن لمرضى السكري حماية سمعهم.

نتائج الدراسة: أرقام مقلقة حول فقدان السمع والسكري

قام فريق بحثي من قسم أمراض الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى كلينيك وجامعة برشلونة في إسبانيا بتحليل بيانات 17 دراسة سابقة، شملت ما يقارب 4000 شخص مصاب بـ السكري من النوع الثاني ومجموعة مماثلة من الأفراد الأصحاء كعينة ضابطة. نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة في سبتمبر الماضي، وحظيت بتغطية واسعة من قبل مواقع متخصصة مثل “يوريك أليرت”.

النتائج كانت واضحة ومثيرة للقلق: تراوح معدل انتشار فقدان السمع بين مرضى السكري من النوع الثاني بين 40.6% و 71.9%. وهذا يعني أن أكثر من ثلثي مرضى السكري قد يعانون من صعوبات في السمع. وبالمقارنة مع المجموعة الضابطة، تبين أن خطر الإصابة بفقدان السمع يرتفع بنسبة 4.19 مرة لدى مرضى السكري.

تأثير مدة الإصابة بالسكري على السمع

أظهرت الدراسة أيضًا أن مدة الإصابة بـ السكري من النوع الثاني تلعب دورًا هامًا. فقد كان معدل انتشار فقدان السمع أعلى بشكل ملحوظ بين المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالسكري لأكثر من 10 سنوات، حيث زاد خطر الإصابة بفقدان السمع لديهم بمقدار 2.07 مرة مقارنة بالمرضى الذين عانوا من المرض لفترة أقصر. هذا يشير إلى أن التعرض الطويل لمستويات السكر غير المستقرة قد يؤدي إلى تلف تدريجي في السمع.

الأسباب المحتملة لارتباط السكري بفقدان السمع

يرجع الباحثون هذا الارتباط القوي بين السكري وفقدان السمع إلى عدة عوامل، أبرزها التغيرات التي تحدث في الدورة الدموية الدقيقة. فالسكري يؤثر سلبًا على الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي القوقعة، وهي الجزء المسؤول عن تحويل الموجات الصوتية إلى إشارات عصبية يفسرها الدماغ.

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسة أن المرضى الذين يعانون من فقدان سمع متوسط ​​إلى شديد كانوا يعانون من مستويات أعلى من السكري التراكمي (HbA1c) مقارنة بالمجموعة الضابطة. هذا يشير إلى أن ضعف التحكم في مستويات الجلوكوز في الدم يرتبط بضعف سمع أكثر حدة. ارتفاع السكر في الدم لفترات طويلة يمكن أن يتسبب في تلف الأعصاب والأنسجة في الأذن الداخلية.

كما تشير الأبحاث إلى أن السكري قد يؤدي إلى تغيرات في البنية الدقيقة لشعيرات الأذن الداخلية، بما في ذلك سماكة الغشاء القاعدي وضمور الأوعية الدموية الدقيقة. هذه التغيرات تقلل من قدرة الأذن على استقبال ومعالجة الأصوات بشكل فعال. صحة الأذن بشكل عام تتأثر بشكل كبير بمستويات السكر في الدم.

هل يلعب الجنس دورًا؟

وفقًا للبحث، لم يكن هناك تأثير كبير لجنس مريض السكري على انتشار فقدان السمع. وهذا يعني أن كلا الجنسين معرضان للخطر بنفس القدر، مما يؤكد على أهمية الفحص المنتظم لجميع مرضى السكري من النوع الثاني بغض النظر عن جنسهم.

أهمية الكشف المبكر والرعاية الشاملة

مع تزايد أعداد المصابين بالسكري على مستوى العالم، فإن هذه الدراسة تؤكد على ضرورة تضمين تقييم السمع كجزء أساسي من الرعاية الصحية الشاملة لمرضى السكري. الكشف المبكر عن فقدان السمع يمكن أن يسمح بالتدخل الفوري وتقديم العلاج المناسب، مما قد يساعد في منع تفاقم الحالة وتحسين نوعية حياة المرضى.

نصائح لحماية السمع لمرضى السكري

  • التحكم في مستويات السكر في الدم: الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي هو الخطوة الأكثر أهمية لحماية سمعك.
  • الفحوصات السمعية المنتظمة: يجب على مرضى السكري إجراء فحوصات سمعية دورية، حتى لو لم يلاحظوا أي أعراض.
  • تجنب التعرض للضوضاء العالية: حاول تجنب التعرض لفترات طويلة للضوضاء العالية، واستخدم واقيات الأذن عند الضرورة.
  • نمط حياة صحي: اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن يساعد في تحسين الدورة الدموية وحماية صحة الأذن.
  • استشارة الطبيب: إذا لاحظت أي تغييرات في سمعك، فاستشر طبيبك على الفور.

في الختام، تُظهر هذه الدراسة بوضوح وجود ارتباط قوي بين السكري من النوع الثاني وفقدان السمع. من خلال الوعي بهذا الخطر واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، يمكن لمرضى السكري حماية سمعهم والحفاظ على جودة حياتهم. لا تتردد في مشاركة هذه المعلومات مع أحبائك الذين يعانون من السكري لزيادة الوعي بأهمية العناية بالسمع. العناية بالصحة بشكل عام هي مفتاح الوقاية من العديد من المضاعفات، بما في ذلك فقدان السمع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version