أكد أخصائي نفسي بارز، فهد آل طه، على وجود أخطاء شائعة في طريقة تعامل الأفراد مع الضغوط اليومية، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية. جاء ذلك خلال استضافته في برنامج “يا هلا” على قناة روتانا خليجية، حيث ناقش آل طه آليات التكيف مع ضغوط الحياة المختلفة وأهمية فهم طبيعة هذه الضغوط. تعتبر إدارة الضغوط النفسية مهارة حيوية لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة.

وأشار آل طه إلى أن هذه الأخطاء تتراوح بين تفسير المهام الروتينية على أنها مصادر قلق، وعدم القدرة على طلب المساعدة عند الحاجة، بالإضافة إلى عدم تطوير آليات صحية للتأقلم مع التحديات. هذه المشكلات شائعة في المجتمعات الحديثة بسبب وتيرة الحياة السريعة وتزايد المسؤوليات.

فهم الضغوط اليومية وتأثيرها على الصحة النفسية

تعتبر الضغوط جزءًا لا يتجزأ من الحياة، ولكن الطريقة التي نستجيب بها لها تحدد ما إذا كانت ستؤثر علينا سلبًا أم لا. وفقًا لآل طه، فإن الخطوة الأولى نحو إدارة الضغوط بشكل فعال هي إدراك أن الضغط ليس دائمًا حدثًا خارجيًا، بل هو استجابة شخصية لهذا الحدث.

تفسير المهام وتأطيرها

أوضح آل طه أن الكثيرين يميلون إلى تفسير مهام العمل أو الحياة اليومية على أنها ضغوط تلقائية. على سبيل المثال، قد يرى شخص ما اجتماعًا عمليًّا كـ “ضغط” بينما يراه آخر كفرصة للتواصل وتبادل الأفكار. هذا التأطير للمعنى يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستوى الضغط الذي نشعر به.

وأضاف أنه في حال تراكم المهام، يجب على الفرد التفاوض مع المسؤولين المعنيين لإعادة توزيعها أو تحديد أولوياتها. التواصل الفعال هو أداة قوية لتخفيف الضغط وتحسين بيئة العمل.

تقييم الصلابة النفسية

أشار أخصائي النفس إلى أن الأفراد يمكنهم تقييم مدى صلابتهم النفسية من خلال مراقبة ردود أفعالهم تجاه المواقف المختلفة. الصلابة النفسية تعني القدرة على التعافي من الشدائد والتكيف مع التغيير.

وتابع أن تأثر الشخص بشكل مفرط بكلمة أو نظرة من الآخرين قد يشير إلى ضعف في صلابته النفسية، مما يجعله أكثر عرضة للضغوط. بناء الثقة بالنفس وتعزيز العلاقات الاجتماعية الداعمة يمكن أن يساهم في تقوية الصلابة النفسية.

من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تجاهل الضغوط المتراكمة إلى مشاكل صحية نفسية وجسدية على المدى الطويل. تشمل هذه المشاكل القلق والاكتئاب واضطرابات النوم وأمراض القلب.

يُذكر أن مفهوم إدارة الضغوط النفسية يكتسب أهمية متزايدة في ظل التحديات المعاصرة، مثل جائحة كوفيد-19 والتحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة. العديد من المؤسسات والمنظمات تقدم الآن برامج تدريبية وورش عمل لمساعدة الأفراد على تطوير مهاراتهم في التعامل مع الضغوط.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أدوات وتقنيات مختلفة يمكن استخدامها لتخفيف الضغوط، مثل ممارسة الرياضة والتأمل واليوغا وتقنيات الاسترخاء. كما أن الحصول على قسط كافٍ من النوم وتناول نظام غذائي صحي ومتوازن يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الصحة النفسية.

وفي سياق متصل، تشير الدراسات الحديثة إلى أن الدعم الاجتماعي القوي يمكن أن يكون بمثابة حاجز واقٍ ضد تأثيرات الضغوط السلبية. التواصل مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل يمكن أن يوفر شعورًا بالانتماء والتقدير، مما يساعد على تخفيف التوتر والقلق. كما أن البحث عن مساعدة مهنية من أخصائي نفسي أو مستشار أسري يمكن أن يكون مفيدًا في التعامل مع الضغوط المعقدة.

من المتوقع أن تستمر الحاجة إلى برامج التوعية والتثقيف حول إدارة الضغوط النفسية في التزايد، خاصة مع استمرار التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة. من الضروري أيضًا تطوير سياسات وبرامج في أماكن العمل والمدارس لتعزيز الصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم للأفراد الذين يعانون من الضغوط. ستركز الجهود المستقبلية على دمج استراتيجيات إدارة الضغوط في المناهج التعليمية وتوفير خدمات الصحة النفسية بأسعار معقولة للجميع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version