يشهد الجنوب السوري تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات الإسرائيلية، وتحديدًا في منطقة ريف القنيطرة. ففي تطور خطير، نفذ الجيش الإسرائيلي اليوم الاثنين توغلًا جديدًا في الأراضي السورية، مستمرًا في سلسلة من المخالفات التي تثير القلق وتزعزع الاستقرار في المنطقة. هذا التوغل، والذي يعتبر استمرارًا لنهج إسرائيلي متصاعد، يطرح تساؤلات جدية حول دوافع تل أبيب واستراتيجيتها تجاه سوريا.
تصعيد الانتهاكات الإسرائيلية في القنيطرة: تفاصيل التوغل الأخير
قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت صباح اليوم في المنطقة الغربية من قرية صيدا الحانوت بريف القنيطرة الجنوبي. تكون التوغل من قوة عسكرية مؤلفة من ثلاث مركبات، بالإضافة إلى تحليق طائرة مسيرة فوق القرية بهدف الرصد والمراقبة. وظهرت معلومات تفيد بنقل دبابات إسرائيلية من نقطة البرج إلى نقطة الحميدية في ريف القنيطرة الشمالي، الأمر الذي يعكس رغبة إسرائيل في ترسيخ وجودها العسكري في المنطقة.
هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها القنيطرة توغلات إسرائيلية. فخلال الأيام القليلة الماضية، سجلت الوكالة السورية (سانا) توغلات مماثلة في الريفي الشمالي والجنوبي، مع إقامة حواجز لتفتيش المدنيين. هذه الانتهاكات المتكررة تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان المحليين وتعوق سبل عيشهم.
تأثير التوغلات على حياة المدنيين
تُشكل التوغلات الإسرائيلية مصدر قلق بالغ للسوريين، خاصةً في ريف القنيطرة، حيث تعتمد الغالبية العظمى منهم على الزراعة كمصدر رزق أساسي. فقد اشتكى السكان من تضرر أراضيهم الزراعية نتيجة لهذه التوغلات، بالإضافة إلى تدمير مئات الدونمات من الغابات. كما تشكل الحواجز العسكرية التي تقيمها القوات الإسرائيلية إزعاجًا كبيرًا للمدنيين، وتعيق حركتهم وتزيد من شعورهم بعدم الأمان. بالإضافة إلى ذلك، وردت أنباء عن اعتقالات طالت عددًا من السوريين من قبل قوات الاحتلال خلال هذه التوغلات، مما يفاقم الوضع الإنساني والأمني في المنطقة. هذه الأفعال، وتوغل الجيش الإسرائيلي، تُعتبر خرقًا واضحًا للسيادة السورية.
خلفيات التوتر: مفاوضات أمنية مُجمَّدة واحتلال مستمر
تأتي هذه التوغلات في ظل محاولات سورية إسرائيلية سابقة للتوصل إلى ترتيبات أمنية تضمن انسحاب إسرائيل من المنطقة السورية العازلة التي احتلتها في ديسمبر/كانون الأول 2024. لكن هذه المساعي تبدو وقد وصلت إلى طريق مسدود، حيث صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأن تل أبيب ليست على المسار الصحيح نحو إحلال السلام مع سوريا.
على الرغم من عدم وجود تهديد مباشر من الحكومة السورية، تستمر إسرائيل في تنفيذ توغلات برية وغارات جوية داخل الأراضي السورية. تُبرر تل أبيب هذه الأعمال بحجج تتعلق بمكافحة “الإرهاب” وحماية أمنها القومي، لكنها غالبًا ما تتسبب في سقوط ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية. هذا السلوك الإسرائيلي يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء هذه الانتهاكات.
هضبة الجولان المحتلة: الجذر التاريخي للتصعيد
يعود الاحتلال الإسرائيلي لمعظم هضبة الجولان السورية إلى حرب عام 1967. واستغلت إسرائيل الأحداث التي شهدتها سوريا في نهاية عام 2024 لتوسيع نطاق سيطرتها على المنطقة. تعتبر هضبة الجولان ذات أهمية استراتيجية كبيرة لإسرائيل، حيث توفر لها مصدرًا للمياه وتطل على مناطق حيوية في سوريا ولبنان. لذلك، فمن غير المرجح أن تتخلى إسرائيل عن هذه الهضبة المحتلة بسهولة، مما يجعل احتمالية التصعيد في المنطقة أمرًا قائمًا. الوضع يزداد تعقيدًا بسبب توغل الجيش الإسرائيلي المستمر في الأراضي السورية.
مستقبل التوتر والسيناريوهات المحتملة
مع استمرار التوغلات الإسرائيلية في ريف القنيطرة، ورفض تل أبيب الانخراط في مفاوضات جادة مع سوريا، يبدو أن المنطقة تتجه نحو المزيد من التوتر وعدم الاستقرار. من المحتمل أن تستمر إسرائيل في تنفيذ غاراتها الجوية وتوغلاتها البرية، مما قد يؤدي إلى تصاعد حدة الصراع ووقوع المزيد من الضحايا. هناك حاجة ماسة إلى تدخل دولي للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها للسيادة السورية واحترام القانون الدولي. من الضروري أيضًا استئناف المفاوضات بين سوريا وإسرائيل من أجل التوصل إلى حل سلمي وشامل للقضية الفلسطينية الإسرائيلية، والذي يمثل الأساس لأي استقرار دائم في المنطقة. من شأن معالجة أسباب التوتر والتصعيد، بما في ذلك قضية هضبة الجولان المحتلة، أن يساهم في تهيئة الظروف لتحقيق السلام والأمن في المنطقة. تحليلات الوضع الحالي تشير إلى أن توغل الجيش الإسرائيلي سيستمر ما لم تحدث تغييرات جوهرية في المشهد السياسي.
Keywords Used: توغل الجيش الإسرائيلي (Israeli military incursion), انتهاكات إسرائيلية (Israeli violations), القنيطرة (Quneitra)



