في غضون ساعات قليلة، تحولت تغريدة على منصة “إكس”، أعاد نشرها مالك المنصة إيلون ماسك على حسابه، إلى واحدة من أكثر القضايا تداولا في بريطانيا وأوروبا، بعدما استخدمت لتأجيج خطاب معاد للمهاجرين والمسلمين.

بدأت القصة بمزاعم صادمة عن “شقيقين باكستانيين يغتصبان طفلين في مسجد بمدينة ليدز”، بالإضافة إلى “تخدير 30 قاصرا واستغلالهن في أعمال غير أخلاقية، وقطع أصابع فتاتين حاولتا الهرب”.

هذه المزاعم أعيد نشرها على نطاق واسع، تحت عناوين تحريضية من قبيل: “الهجرة غير الشرعية تدمر المملكة المتحدة”، لكن انتشارها بلغ ذروته عندما تبناها مالك المنصة إيلون ماسك، إذ علق عليها بعبارة قصيرة حصدت أكثر من 35 مليون مشاهدة، مما حول القصة إلى مادة لتغذية حملات الكراهية ضد المهاجرين.

فما حقيقة القصة؟ وهل المتهمون باكستانيون فعلا؟

الادعاء

نشر القصة حساب باسم “راديو أوروبا” عبر منصة إكس، أمس السبت، وأرفق فيها صورا ادّعى أنها لـ3 أشقاء باكستانيين ارتكبوا اعتداءات جنسية في المملكة المتحدة، وحصدت التغريدة أكثر من 40 مليون مشاهدة حتى الآن.

وبعد ساعات قليلة أعاد مالك منصة إكس “إيلون ماسك” نشر التغريدة عبر حسابه الرسمي معبرا عن صدمته قائلا: “لا أعرف حتى ماذا أقول بعد الآن”، وحققت مشاركته أكثر من 36 مليون مشاهدة على عبارته القصيرة، وعشرات آلاف التعليقات.

كيف غذى ماسك السردية؟

أثارت مشاركة إيلون ماسك للتغريدة عبر حسابه الرسمي في منصة “إكس” تفاعلا واسعا، وأسهمت في تعزيز سردية مضللة ومشحونة ضد المهاجرين، وتحديدا الباكستانيين في بريطانيا.

وبمجرد إعادة التغريد من حساب ماسك، الذي يتابعه أكثر من 225 مليون مستخدم، تصدرت القصة حديث المنصات، وانهالت آلاف التعليقات، كثير منها يحمل طابعا عنصريا وتحريضيا.

 

في أحد الردود، خاطب مغرد ماسك قائلا: “أقل ما يمكنك فعله هو حظر إكس في باكستان والضغط لضمان عدم حصولهم على قروض من الولايات المتحدة في المستقبل، حاول أيضا التأكد من عدم حصول أي باكستاني على تأشيرة دخول لأي دولة. أنت أغنى رجل على قيد الحياة، ويمكنك بسهولة تحقيق ذلك، يا سيدي”.

 

وفي تعليق آخر، كتب أحد المستخدمين: “أي شخص يغتصب الأطفال ويقطع أصابع أقدامهم حتى لا يتمكنوا من الهرب يحتاج إلى محاكمة علنية وإعدام ليكون عبرة للمجتمع، هذا غير مقبول”.

هذه الردود، التي لم يتدخل ماسك في تفنيدها، أو توضيح زيف القصة الأصلية، أسهمت في تضخيم الخطاب العنصري والتحريضي على المنصة، وأعادت إنتاج سرديات قديمة تتهم المهاجرين بالعنف والإرهاب.

هل القصة حقيقة؟

مع تصاعد الانتشار وتحول القصة إلى مادة للتداول الواسع، بدأ فريق “الجزيرة تحقق” تتبع الخيوط، بالعودة إلى السجلات القضائية البريطانية والأرشيفات الإخبارية والبيانات الرسمية الصادرة عن الشرطة.

أول ما ظهر أن الرواية لم تكن جديدة كما صوّرت، فالجريمة بالفعل وقعت، لكنها تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، أي قبل نحو عام كامل، وليست حديثة كما أوحت المنشورات، بجانب أن مكانها لم يكن في مدينة ليدز، بل في بارو-إن-فيرنيس التابعة لمقاطعة كمبريا شمال غربي إنجلترا.

أما هوية المتهمين، فقد تبين أنهم 3 أشقاء هم: شاه عمران مية، وشاه جمان مية، وشها علمان مية، وقد أدانتهم المحاكم البريطانية في فبراير/شباط الماضي بأكثر من 60 جريمة جنسية، وحكمت عليهم بالسجن لمدد متفاوتة.

لكن اللافت أن بيانات الشرطة وملفات المحكمة لم تشر مطلقا إلى جنسية المتهمين، في حين أشارت تقارير إعلامية بنغالية إلى أنهم من أصول بنغالية، وليسوا باكستانيين كما روّج.

وبالعودة إلى تفاصيل الرواية التي اجتاحت منصات التواصل، لم نجد أي دليل في الوثائق الرسمية على المزاعم المتعلقة بـ”قطع أصابع فتاتين”، مما يكشف أن هذه الجزئية ملفقة بالكامل وأضيفت لزيادة الطابع المروع للقصة.

كما نشرت وسائل إعلام بنغالية تقارير تشير إلى أن المتهمين الثلاثة من أصول بنغالية، وليسوا باكستانيين، مما يفند بشكل واضح المزاعم المتداولة حول الجنسية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version