أشاد عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، بجهود الوساطة التي قادها كل من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بهدف تحقيق السلام في السودان. جاءت هذه التصريحات في سياق تأكيد البرهان على حرص الخرطوم على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وعادل ينهي الصراع الدائر في البلاد.
أدلى البرهان بهذه التصريحات لقناة “العربية” يوم 27 نوفمبر 2025، مؤكدًا ترحيبه باستمرار الولايات المتحدة في دعم جهود السلام السودانية. ونفى بشكل قاطع وجود أي “ورقة جديدة” قدمتها واشنطن للحكومة السودانية تتضمن مقترحات إضافية للسلام، مشيرًا إلى أن الجانب الأمريكي قد أكد هذا الأمر.
أهمية جهود الوساطة لتحقيق السلام في السودان
تأتي إشادة البرهان في ظل استمرار المفاوضات الهادفة إلى إنهاء الحرب الأهلية السودانية المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وقد لعبت السعودية والولايات المتحدة دورًا محوريًا في محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار وترتيبات سياسية مستقبلية.
تعتبر جهود الوساطة ضرورية لعدة أسباب، منها تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، وتهديد استقرار المنطقة، وتزايد التدخلات الخارجية. وتشير التقارير إلى أن ملايين السودانيين قد نزحوا بسبب القتال، وأن هناك نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والماء.
دور السعودية في مبادرات السلام
لطالما كانت المملكة العربية السعودية من الداعمين الرئيسيين للسودان، وقد سعت إلى لعب دور بناء في حل الأزمة السودانية. استضافت جدة عدة جولات من المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وساهمت في إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين.
تعتمد السعودية على علاقاتها الجيدة مع كلا الطرفين المتنازعين، بالإضافة إلى وزنها الإقليمي والدولي، لتعزيز فرص التوصل إلى اتفاق سلام. وتؤكد الرياض على أهمية الحفاظ على وحدة السودان وسيادته واستقلاله.
موقف الولايات المتحدة من الأزمة السودانية
أبدت الولايات المتحدة قلقها العميق بشأن الوضع في السودان، ودعت إلى وقف فوري للأعمال القتالية وحماية المدنيين. فرضت واشنطن عقوبات على أفراد وكيانات مرتبطة بالصراع، وحذرت من أن استمرار العنف قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية والأمنية.
تركز جهود الولايات المتحدة على دعم عملية سياسية شاملة تقودها السودانيون أنفسهم، وتضمن مشاركة جميع الأطراف المعنية في السلطة والثروة. كما تدعم واشنطن جهود المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة للمحتاجين.
تصريحات البرهان تنفي بذلك بشكل مباشر التقارير التي تحدثت عن وجود مقترحات أمريكية جديدة تهدف إلى إعادة تشكيل عملية السلام. هذا النفي قد يشير إلى أن الخرطوم راضية عن المسار الحالي للمفاوضات، أو أنها تسعى إلى الحفاظ على موقفها التفاوضي.
من الجدير بالذكر أن جهود السلام السابقة قد واجهت صعوبات وعقبات عديدة، بما في ذلك عدم الالتزام بوقف إطلاق النار، والخلافات حول تقاسم السلطة، وتدخل القوى الخارجية. ومع ذلك، يظل التوصل إلى حل سياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في السودان.
تعتبر قضية السلام في السودان من القضايا المعقدة التي تتطلب صبرًا وجهودًا متواصلة من جميع الأطراف المعنية. وتشمل التحديات الرئيسية بناء الثقة بين المتنازعين، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وضمان تحقيق العدالة والمصالحة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الاقتصادي المتردي في السودان يمثل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق السلام والاستقرار. فالبلاد تعاني من ديون خارجية ضخمة، ونقص في العملة الصعبة، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
في الختام، من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية والوساطة في السودان خلال الأسابيع والأشهر القادمة. وستركز هذه الجهود على إيجاد حلول عملية ومستدامة للأزمة السودانية، مع الأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية. يبقى التحدي الأكبر هو إقناع الأطراف المتنازعة بالالتزام بوقف إطلاق النار والانخراط في حوار جاد ومثمر.



